حين يردد تنفيذيو الغرفة من بباغاوات القديمة أو الناطقين العلنيين باسمها من نواب و سياسيي النداء و شقوقه و الأحزاب الرديفة انهم ليسوا ضد مسار العدالة الانتقالية و لكنهم ضد الهيئة و رئيستها فذلك لأنهم يعلمون أن العدالة الانتقالية هي ثمن التوافق المفروض و شرط رعاية الانتقال المسقف بالحدود المفروضة للانتفاض التونسي لتكون مخرجاته في المنزلة الوسطى المأمونة دون عودة الاستبداد الفج الذي انتهت قدرته الوظيفية على ضمان مصالح الرعاة الدوليين لمسارات الدمقرطة المسقوفة و دون الذهاب بالانتفاض إلى مخرجاته القصوى في استقلال القرار الوطني تنمويا و ثقافيا و قوميا في اتجاه بناء الدولة الوطنية الجديدة بلا استبداد و لا استعمار.
يعلنون انهم لا يستهدفون مسار العدالة الانتقالية فذاك أمر لا يقدرون عليه لأنه نكث للعهد مع الرعاة الذين فرضوهم على مسار انتفاض لم تتمكن النخب الوطنية الجديدة من تحويله إلى ثورة وطنية ناجزة و لأن رعاتهم لا يقدرون على حماية غرورهم في رغبة التخلص من كل آثار الانتفاض و الرعاة ليسوا أغبياء حتى يسمحوا لهم بالاستفزاز الفج لحيوية شعب و نخب لا تقبل بسهولة بعودة أبناء القديمة عراة بلا مساحيق و ديكور تجميلي.
مسار العدالة الانتقالية كما قادته هيئة السيدة بن سدرين لم يكن على كل حال مزعجا جدا لرعاة الانتقال المسقوف إذ بالرغم من أنه قد أرضى إلى حد ما ضحايا و خصوم القديمة فهو و الحق يقال لم و لن يذهب إلى المنتهيات الثورية التي ترضي تصورنا نحن دعاة الثورة و التأسيس الوطني الناجز و تلك مسألة أخرى سنخوض فيها حين يخفت استهداف القديمة لهيئة الحقيقة و الكرامة.
لماذا إذن مادام الأمر في حدود السيطرة يلجأ أنصار القديمة الحاكمة باستمرار إلى دونكيشوتيات استهداف الهيئة و نحن نعلم انهم سيرضخون في النهاية مثلما كنت اقول أثناء جلسات المصادقة على ميزانية الهيئة و تهديد نواب القديمة بحجب التمويل ؟
ليس الأمر في رأيي أكثر من ضغط مسرحي للتذكير الدائم بحدود الاتفاقات الضمنية على سيوف مخرجات مسار العدالة الانتقالية حتى لا تفكر الهيئة أو بعض أنصارها في استثمار التغيير المستمر لموازين القوى بين القديم و الجديد في اتجاه ..الاستيساع.. في المخرجات بما قد يحول مسار العدالة الانتقالية حقا إلى مسار ثوري فعلا يعصف بالتوافقات و الخطوط الحمراء التي وضعها رعاة دوليون للانتفاض الذي يجب أن لا يشتكي فيه الضحايا لكن يجب كذلك أن لا يُقتل فيه الذئب.
ضغط الذئب الذي تحول الى شريك في الانتقال ان لم يكن عموده الفقري هو ضغط ضروري و تكتيك حذر دائم حتى لا يغفل عنه الرعاة الذين فرضوه على الخرفان شرط ان يقصر من أنيابه. حذر الذئب هو مهارته الأساسية لأنه يعلم أن مسارات التاريخ و الشعوب قد تستثمر أحيانا و تتوسع و تستفيد حتى مما يضعه الرعاة من سقوف انتقال يشترك فيه الذئب مع ضحاياه..
بالديمقراطية التي يحفظها الرعاة سترضخ القديمة لتمديد سهام و سيتم التذكير بالسقوف المتفق عليها و تعود السيوف إلى اغمادها…