أصدرت اليوم المحكمة الابتدائية بتونس حكمها بمنع جامعة التايكواندو من دعوة أو استقبال الرياضيين الصهاينة الذين سجلوا طلب مشاركتهم لدى الاتحاد الدولي.و يُعد هذا الحكم على حد علمي سابقة قضائية في تونس تُجرم التطبيع للمرة الأولى اعتمادا على روح الدستور رغم غياب قانون يجرمه.
رئيس جامعة التايكوندو لم يجب في تصريحه في سياق الضجة التي أثارتها امكانية مشاركة الرياضيين الصهاينة ان كانت تونس ستقبل و توجه الدعوة الرسمية لهؤلاء المسجلين على بوابة الاتحاد و اكتفى بتوصيف الوضع و ترك الامر مفتوحا كما صمتت الحكومة و الوزارة المعنية عن الأمر علما ان مجرد تسجيلهم لدى الاتحاد الدولي يلزم الدولة التونسية بمنحهم تأشيرة الدخول حتى على باب مطار قرطاج.
صدور هذا الحكم مثل انتصارا على هذه المواقف الرسمية الغامضة و سيجعل الجامعة و الحكومة بين خيارين : تطبيق الحكم القضائي التونسي و تحمل المسؤولية أمام النظام الداخلي للاتحاد الدولي أو الخضوع لقانون الاتحاد الذي يلزم الحكومة بقبول كل المشاركين بقطع النظر عن العلاقات بين الدول بدعوى تحييد الرياضة عن "السياسة" و هي كذبة لاقحام الكيان الصهيوني في المشهد الدولي.
صدور حكم قضائي يعد انتصارا في معركة تجريم التطبيع التي يسندها الضميرالعفوي للتونسيين منذ عقود و يُجمع عليها قبل الثورة كل المعارضين تقريبا لكنها أصبحت بعد الثورة معركة يضطلع بقيادتها قلة من النشطاء لا يملكون قوة بشرية كافية تضاهي المشهد الحزبي الرسمي الذي أصبحت تحرجه هذه المعركة التي يتضرر من تبناها و يفقد حظوظه في مشهد محلي تحكمه الاذرع الدولية الغربية المتصهينة أو القريبة منها .
التطبيع مع الكيان الصهيوني لم يكن خطا أحمر و لا أمرا محرما في عرف الدولة التونسية منذ زمان .فقد فتح نظلم بن علي مكتبا لدى الكيان في التسعينات و حل الوزير الصهيوني سيلفان شالوم في تونس ابان قمة المعلومات في 2005 . دخول و خروج سياح أجانب بجوازات سفر الكيان ظل أمرا معهودا و انكشفت في أكثر من مرة زيارات مثقفين و فنانين تونسيين الى الكيان دون أن يتعرضوا للمساءلة .
و بعد رفض تضمين الدستور بندا يجرم التطبيع اثر الثورة تواصل أحزاب الائتلاف الحاكم حاليا و عدد من أحزاب المعارضة الوظيفية اليمينية صمتها المريب دون موقف واضح رافض للتطبيع أو مشجع على تجريمه .
فنداء تونس و مشتقاته و القوى الرديفة تواصل في نفس المزاج الديبلوماسي للمنظومة القديمة الانحياز الى خيارات نظم "الاعتدال" العربي الرسمية في القبول الضمني أو العلني للتطبيع
أما حركة النهضة فلم يظهر منها احتجاج على ممارسات تطبيعية ظاهرة و خفية تمارسها الادارة أو شركاؤها في الحكم كما لا تبدو متحمسة لتمرير قانون تجريم التطبيع الذي تدفع في اتجاهه بعض قوى المعارضة اليسارية أو الديمقراطية الاجتماعية التي خفت حماسها هي أيضا بشكل غير مفهوم عن فضح المؤامرة التي استهدفت القانون في أروقة مجلس النواب .
ان هذا الحكم القضائي سيكون الآن مرتكزا صلبا لأنصار المقاومة و أعداء التطبيع للترفيع في نسق التصدي للاختراق الصهيوني لبلدنا و فضح الساكتين عليه.