حتى لا أشارك في عملية بناء وعي زائف

Photo

في المدّة الأخيرة تابعت باهتمام كيفية تشكّل القائمات الانتخابية للبلديات ثمّ من خلال معرفتي بعدد كبير من المترشّحين والمترشّحات خاصة على قائمات حركة النهضة أسوق الملاحظات التالية:

1- عدد من هؤلاء المترشّحين كانوا في المجلس التأسيسي أو ترشحوا سابقا في قائمات انتخابات تشريعية أو تحمّلوا مسئوليات في عهد الترويكا وشاركوا إلى هذا الحد أو ذاك في إعادة إنتاج "القديمة" ....

2- عدد آخر لديهم مواقف مُعلنة وليست تخفى على أحد من حركة النهضة أو من الإسلام السياسي بشكل عام ونشطوا سابقا في أحزاب أخرى (التجمّع). ونجدهم اليوم على رأس قائمات حزب النهضة…

3- صنف ثالث عبّروا في العديد من المناسبات عن عدم رضاهم على سياسات الحزب وتوجّهاته ويشكّكون في التوافقات ويتّهمونها بإخراج المسار عن سياقه الثوري... حتى انّ بعضهم اعلن خروجه من حركة النهضة (وإن كان يتوهّم أنّه دخل)…

4- صنف رابع تعوّد الجلوس على مقعدين ترشّح في قائمات مستقلّة مدعومة من طرف حركة النهضة (أنا معاكم ولا تشكّوا فيّا)... هناك من صرّح انه اشترط أن يترشّح في قائمة مستقلة تدعمها حركة النهضة. ورفض ان يكون في قائمة النهضة بشكل مُعلن.

5- الصنف الأخير ترشّحوا على قائمات حركة النهضة لأنها الوحيدة القادرة على تحقيق طموحاتهم في التموقع داخل المشهد السياسي والتمايز (التفشفيش بلغتنا). هؤلاء لا يعرفون من النهضة غير مونبليزير والشيخ وبعض القيادات التي تستعمل البراغماتية كوسيلة للوصول إلى تحقيق مصالح شخصية… لم يقرؤوا عن تاريخ الحركة ولا عن رؤاها (الإجتماعية والثقافية خاصة) ولا برامجها ولا أدبيات قياداتها… جابتهم الكركارة متاع الفايسبوك… ومجموعات المدوّنين.

طبعا يوجد عدد من المترشّحين في بعض القائمات مؤمنون بأنّ التمكين للمشروع يمرّ عبر البلديات (استنساخا لتجربة أردوغان)… ولديهم موقف ورأي (وهم قلّة ).

وإذا وضعنا جنبا إلى جنب 350 قائمة لحركة النهضة و350 للنداء على خارطة تونس ودقّقنا في الأسماء)خاصة رئيس القائمة) سوف نفهم أنّ المسألة محسومة (هناك قسمة واضحة(… البقية فصل من مسرحية الإنتقال الديمقراطي…

لن اتحدّث عن النداء ومشتقّاته لأنّ اغلب القائمات هي عملية رسكلة لـ"القديمة" وإعادة إنتاج لـ"التجمّع" وتمكين للعائلة الحاكمة… أمّا الأحزاب الأخرى فهي غير وازنة في المشهد ومشاركتها في الإنتخابات فقط عملية تشويش ضرورية وملئ فراغات (الممارسة جاءت غير مؤسّسة وغير مُقعّدة داخل هياكلهم)…

وحتى إن سُمح لها بالتواجد في بعض البلديات فهي عملية تضليل للمتابعين للمسرحية من الخارج….

إذا أضفنا إلى هذا المشهد التجاذبات التي تشهدها عملية إنجاز مجلّة الحكم المحلّي وخاصة الفصل المتعلّق بالتمويل… داخل البرلمان وما صاحبه من تشكيك في النوايا وتراشق بالتهم.. ومن ممارسات غير مسئولة من طرف الكتل المؤثّرة (غيابات وتعويم للنقاشات واختلاق للخلافات…). وما تشهده الساحة السياسية من تحركات في جزء كبير منها الهدف عرقلة الإنتخابات البلدية وما صاحبها من ردود أفعال وتفاعلات غير موضوعية بسبب الخوف على تأجيل الإنتخابات…. (الموقف من إضراب الأساتذة).

تكون الرؤية غير واضحة في ما يتعلّق بالحكم المحلّي الموهوم… سواء بالنسبة للفاعلين في قدرتهم على ممارسة الحكم المحلّي وهم بهذه المواصفات أو الفعل (لم تتوضّح قواعده).

الحكم المحلّي له قواعد تتأسس على فلسفة ورؤية ويستمدّ مشروعيته من وعي المجتمع المحلّي بأهمية الديمقراطية التشاركية ومطالبته بلامركزية القرارات المتعلّقة بالتنمية… الحكم المحلّي ليس قائمات وانتخابات وخطاب مشحون بالوعود غير الواقعية…. وإنما هو نتيجة لطلب اجتماعي مُطرد…

خطاب المغالبة والتجييش والتجحيش لا ينفع في انتخابات الهدف من ورائها تحقيق التنمية المستدامة في الجهات لأنّ أهمّ أبعاد التنمية توسيع "الخيارات" وتعدّدها واحترام قدرة المجتمع المحلّي على اختيار حكّامه…

لن أشارك في هذه الإنتخابات لأنّ مُعاقبة النخبة السياسية تكون بمُقاطعة عُروضها المسرحية…. من يريد النقاش فليتفضّل… ومن يهوى الشتم فليتفضّل لأنه سيزيد من دعم موقفي.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات