ما وراء الاكمة …
من حق مكونات الائتلاف الحاكم الاحتجاج على الاتحاد و الاساتذة لكن دون ثلب. الحكومة ستخسر معركتها مع النقابيين و ستكون علامة اخرى من علامات فشل الائتلاف الحاكم .هل خسارة الحكم أمام الاتحاد خسارة للبلاد؟ لكن ça dépend..ماهو تعريفنا للبلاد؟
ما من شك أن ادارة الانتقال الاقتصادي و الاجتماعي على امتداد السنوات الاربعة الاولى من الثورة شابته اضطرابات كبيرة على مستوى رؤية الطبقة السياسية الجديدة الحاكمة وقتها (الترويكا) و معارضتها :الاتحاد و اليسار الاجتماعي .
لكن تفرد منظومة الفساد و الارتهان الآن بالبلاد تدعونا الى الاصطفاف بلا قيد و لاشرط الى جانب الاتحاد و دفعه أكثر الى التصدي لحكومة التفقير و التفويت و ائتلاف الحكم المتمتع بأغلبية برلمانية قادرة على ان تعصف بكل مكاسب البلاد الاجتماعية التي تحصن استقلال قرارها الوطني من طبقة وسطى و قطاع عام .
خطط الاتحاد المطلبية و الدفع نحو تعطيل التفويت و المطالبة بمقاومة الفساد في سقوف المطلبية النقابية (التريدينيونية) تحرج و تعيق لاشك اندفاعة ائتلاف ليبيرالي متوحش يريد أن ينهي سريعا مقايضة الدعم الغربي للانتقال الديمقراطي و تقاسم الحكم بين النهضة و النداء بمنح هذا الغرب و مؤسساته المالية حق تفكيك تونس الاجتماعية و الحاق قرارها الوطني نهائيا .
لكن هذه الخطة المطلبية لا تكفي وحدها حاليا . ان اصلاحات هيكلية و تحصسنا داخليا للاتحاد العام التونسي للشغل بما يخلصه من ضغوط الابتزازات التي تُمارس عليه اعتمادا على انحرافات عدد من كوادره و تاريخهم في سوء التصرف يمكن ان تسمح له بالتحرر نهائيا من "الخوف" و "التردد" بتقديم نفسه بديلا للحكم في ظل ضعف المعارضة الديمقراطية الاجتماعية و هيمنة حزبين كبيرين على الساحة يتوافقان في الخيارات الاجتماعية و الاقتصادية و الرؤية للمشهد الدولي ما يجعلهما في الضد تماما لمصلحة الطبقات الشعبية و استقلال القرار الوطني .
الهجمة على الاتحاد من مصادر نيران معلومة هو خوف منظومة الحكم الحالية من تحول الاتحاد الى "نقابة تضامن" التونسية . لكن يبقى السؤال فعلا : هل تتمتع فعلا هياكل الاتحاد برؤية سياسية و حرية حركة تسمح لهم بالتفكير في هذا الأفق .
هذا افق طبيعي حدث و تحقق في بلدان شهدت انتقالا سياسيا كانت فيه القوى الحزبية ضعيفة في مواجهة القديم فتتقدم المنظمات النقابية و الاجتماعية لاستلام الحكم مكانها لإنقاذ البلاد (أمريكا اللاتينية ..بولونيا كما ذكرنا في العنوان) .لكن السؤال حول طبيعة النقابة التونسية و تاريخها و علاقتها بتركيبة الدولة و النظام تسمح بذلك ؟ للنقاش .و لكن هذا هو مصدر خوف الحزبين الحاكمين و ماكيناتهم الدعائية .و الهجوم التوافقي على الاساتذة هذا اليوم خير دليل .