فوبيا الإنتخابات…

Photo

سنة 1989 كنت طالبة بالجامعة شاركت في الحملة الإنتخابية في صفاقس. أيام وليالي طويلة ونحن نطرّز في الحوم ونفتّق في الزناقي ونرتق في الأحياء ونفصّل في الأسواق الشعبية... اشتغلنا بوجوه مكشوفة دون خوف ولا تردّد وبثقة كبيرة في نوايا الجهة المُقابلة دون أن نشكّ لحظة في إمكانية أن يرجع الكفّ على وجوهنا…

أصابنا الكِبر والغرور وحكمتنا مُعادلة ناقصة مُتغيّر رئيسي... لم نتسائل ولو للحظة لماذا تركوا الحبل على الجرارة وتركوا الدلو هابط فارغ طالع مليان...

أعلم أنّ السياقات مُختلفة لكنّ الفاعلين لم يتغيّروا لا في هذه الضفة ولا في تلك... لا أظنّ أنّ المسئول الكبير ولا المسئول إلّيّ تحته يقبل أن يكون "الإسلام السياسي" فاعلا رئيسيا في عملية الإنتقال الديمقراطي ولا ان تخرج خيوط اللعبة من بين يده…

في انتخابات 2014 نفس الشيء خدمنا بما أوتينا من جهد وقوّة ولم ندّخر مواردنا ولا إمكانياتنا لدعم المرزوقي… كان النصر قاب قوسين أو أدنى (أو هكذا توهّمنا) لكن تقلب الطرح في لحظة فارقة.

المرزوقي كان متأكّدا أنّ النتائج زُوّرت ووقع التلاعب بها لكن تحت ضغط المسئول الكبير قبل بالنتائج ورفض رفع قضية في التزوير… رغم أنّ فريق المحامين أعدّ ملفّا في الخروقات والتجاوزات…

ليس تخويفا من المآلات ولا تشكيكا في "العقل" السياسي الذي يُحرّك الفعل…. ولكن فقط قراءة في واقع مُتغيّراته الرئيسية صحيح تحرّكت ولكنها حافظت على نفس المكوّنات…

ما وقع في تركيا لا يُمكن بأي شكل من الأشكال استنساخه في تونس لأنّ السياقات التاريخية والجغرافية والسياسية مُختلفة وكذلك موازين القوى لا تخضع لنفس المعادلات الدولية والإقليمية….

لسنا في حديقة على ملك السيد الوالد وبإمكاننا أن نغرس فيها الثمار التي تتساوق مع مزاجنا وذوقنا وثقافتنا…. نحن لسنا سادة قرارنا الوطني ولم نُحقّق الحدّ الأدنى من الإستقلال السياسي (جميع الأطراف ودون استثناء)… نحن في غابة "كونية" تحكمها لوبيات "دولية" تحدّد نوعية النبات والشجر والحجر…

المعركة الرئيسية معركة استقلال وليست معركة "انتقال ديمقراطي" على ذوق "المسئول الكبير"….
المقاطعة شكل من أشكال مُقاومة الهيمنة والتبعية…..

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات