الفقه الذّكوري على مذهب السّادة الندائيين

Photo

بسبب ليلة القدر "باب العرش" مغلق في وجوه النّساء! الذّكورة شرط صحّة في مشيخة مدينة تونس حصرا !

حزب يدعو رئيسُه إلى الاجتهاد في أحكام قطعيّة ثابتة في نصّ التنزيل خدمة للمساواة بين الجنسين بزعمه ، ويقطع الطّريق على ترشيح امرأة فائزة في الانتخابات لمنصب سياسي لأنّ من مهامها كما ورد على لسان المكلّف بالاتّصال في الحزب المشاركة في إحياء ليلة القدر وما يقتضيه ذلك من دخول إلى المسجد واختلاط بالرّجال و هذا غير جائز في " سبرنا " لذلك اعتبر أنّ الذّكورة شرط صحّة في مشيخة مدينة تونس حسب التّقاليد والأعراف التي لا تقبل الاجتهاد!

يبدو حسب هذا المنطق في التّفكير أنّ ليلة القدر لا يفتح فيها باب العرش للنّساء الممنوعات من تولّي هذه المشيخة المقصورة على الذّكور من خاصّة أعيان الحاضرة ميراثا للأجداد خلفا عن سلف ،

لذا أقترح إضافة هذه النّقطة إلى جدول أعمال لجنة الحريات الفرديّة لعلّ الاجتهاد فيها يساهم في إزاحة العوائق أمام شيخة مدينة تونس المرتقبة ، على الأقلّ مهمّة الاجتهاد هنا ربّما أسهل وأقلّ إثارة للمشاكل ، ففي قصّة بلقيس ملكة سبأ عبرة وحكمة .

لوجيسيال قديم

من الأسباب الكامنة وراء قلق البعض من إمكانيّة تقلّد السيّدة سعاد عبد الرّحيم مشيخة مدينة تونس أنّها مرشّحة حزب يحرص خصومه على حصره في خانة معاداة المرأة والتّسويق لذلك واستثماره سياسيا وانتخابيّا وقطع الطّريق على أيّ فرصة تثبت عكس ذلك،

كما أنّ بلديّة القصبة بثقلها البشري وأبعادها الرمزيّة ومواردها الماليّة كانت طوال فترة الاستبداد إقطاعيّة للحزب الحاكم ومن الصّعب أن ينفطم هذا الحزب عن عاداته القديمة السيّئة في استثمار موارد الدّولة.

لكن أغرب سبب هو ما عبّر لي عنه أحدهم بتحسّر :

شيخ المدينة يلزم يكون من أهل البلاد " يقصد البلديّة " ، وأردف بتفجّع الدّنيا وفات.

يبدو أنّ البعض مازال يدندن على موّال أهل البلاد أي حاضرة تونس المحصورين في نظرهم في دائرة محدودة مصطفاة من العائلات الأرستقراطيّة التي احتكرت لفترات من تاريخ تونس الوجاهة والجاه وعاشت في كنف أهل السّلطة وتحت ظلّهم ، واحتكرت جملة من المواقع والمهامّ ومارست ولا تزال أدوارا سياسيّة مباشرة أو غير مباشرة ، ولم تعترف للآفاقيين القادمين من الآفاق الذين استقرّوا في الحاضرة بانتمائهم لأهل البلد.

الطّريف أنّ السيّدة سعاد عبد الرّحيم أصيلة المطويّة ، وقد استقرّ " المطاوى " في قلب المدينة العتيقة منذ قرون في أحياء عرفت بهم مثل طرنجة وباب الخضراء والمرجانية ونهج الرمانة وسوقي بالخير والحي المطوي ( راس الطابية ) وساهموا في الحركة الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسياسيّة والنقابية قبل الاستقلال وبعده ، يبدو كلّ ذلك لن يشفع لهم لدى من أوكلوا لأنفسهم حماية الأنساب والأعراق والمحافظة على وجاهة " الشُّرفة " أو كبار الحومة.

لم نكن لننساق في هذا المنطق الفئويّ في بلد يبني مواطنته ويسعى لإسقاط كلّ أشكال التمييز على أساس الجنس واللون والعرق والمعتقد ، لكن ما دفع إلى ذلك هو إصرار البعض على استحضار لوجيسيال قديم للوقوف في وجه سيّدة اختارها النّاخبون لتكون على رأس مؤسّسة وطنيّة خدميّة التفاضل فيها على أساس الاستعداد لخدمة المواطنين لا على أساس الانتماء الجهوي والطّبقي والعرقي.

سقوط الأقنعة : نسويّات ضدّ جني ثمار التّناصف

بعض النسويّات المزيّفات تغلّفن موقفهنّ التمييزي القائم على أولويّة الفرز الأيديولوجي على التمكين للنّساء في إدارة الشّأن العام بموقف المرشّحة لمنصب شيخة مدينة تونس غير الواضح من مسألة الإرث والأمّهات العازبات وزواج المسلمة من غير المسلم …

وربّما نبشن وفتّشن في صفحتها على الشبكة الاجتماعيّة بحثا عن شبهات وتعلّات أخرى لتبرير الفيمينيزم القشري المزيّف والذّكوريّة الثّاوية في أعماق الأنوثة المشوّهة المستلبة ،

أقرّ القانون مكسب التناصف الأفقي والعمودي الذي آتى ثماره ولكن بعض المحسوبات على النسويّة يحرصن على إفساد ثمار التناصف عندما يكون في رصيد خصومهنّ أو لا يوافق هواهنّ الأيديولوجي ، و لا يفرز نساءً يشبهنهنّ كنسخة طبق الأصل لهنّ ولنمط تفكيرهنّ.

منطق ضيّق محدود في التّفكير يكشف حجم الأنانيّة والازدواجيّة وربّما اعتبارات أخرى ذات خلفيات نسائيّة بحتة.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات