لفتة صغيرة للمرآة ... ما فيها باس شوية تفكير انعكاسي.... لم نتعوّد على ثقافة "تقييم الذات" وقراءة المشهد من الداخل... شكون خسّرنا وعلاش خسرنا؟ وكيفاش ربحنا وآش ربحنا بالضبط؟ واحنا علاش قاطعنا وآش ربحنا من المُقاطعة؟ وفي هذا الكلّ تونس آش ربحت وآش خسرت؟
كفانا إهدارا للموارد وتضييعا للوقت... ولنستوعب الدرس.
مبروك لحزب حركة النهضة ومبروك للتيار الديمقراطي الرابحان كمّيا ونوعيا في هذه الإنتخابات اما بالنسبة للنداء حتى إن جاء في المرتبة الأولى فهو خاسر بجميع المقاييس لأن نسبة المشاركة بينت أنّه فشل في "الحكم" وفشل في إدارة الشأن العام رغم ترسانة الإعلام المأجور والإمكانيات اللوجستية والمادية المتوفرة لديه....
من ربح الإنتخابات أيضا هي الهايكا التي أبدت صرامة وحياد في التعامل مع الحضور الإعلامي للقائمات (رغم بعض التجاوزات)... وهناك مؤشّرات تؤكّد أنّ الإعلام (العمومي خاصة) بصدد التحوّل تنظيما ومهنيا... وهذا التحوّل (رغم بطئه) سيُحدث تغييرا في المشهد الإعلامي التونسي ولو بعد حين....
وستكون المؤشرات اكثر دلالة في المحطات الإنتخابية القادمة…
أمّا الرابح الأكبر فهو حزب المقاطعين لأنه استطاع (عن وعي أو دون وعي) أن يفرض نقاشات وساجلات حول مُستقبل الممارسة السياسية في تونس وعن جدوى الإنتخابات في ضلّ "الإستقطاب الثنائي" والتوافقات المغشوشة.... أسئلة كثيرة أثيرت وهي اليوم بحاجة لتعميق النقاش حولها.
70% نسبة المقاطعة وعدد كبير من الشباب لم يُسجّل ... ليس هناك عزوف الشباب عن السياسة (هذه مُغالطة) لأنّ المتابع للساحة يكتشف الأعداد الهائلة من الشباب الذي ينخرط في حركات احتجاجية وفي مجموعات لم تهندسها الأحزاب السياسية ولا النقابات(les ultras) ولكن هناك صراع جيلين حول كيفية ممارسة السياسة (أصناف الفعل) وأشكال إدارة الشأن العام (أصناف الرهانات.... ( وكذلك حول أصناف الاستراتيجيات المتوخاة من طرف الأحزاب لتحقيق التغيير الذي طالب به شباب القصبة 1.
أرجو أن تكون هناك تقييمات وأن تكون التقييمات موضوعية وعاقلة (بعيدة عن شوط المسؤولية في جميع الإتجاهات) وأن يكون النقاش هادئا ورصينا وأن نبتعد عن التجاذبات غير المجدية.... المحطة الإنتخابية القادمة ستكون بلون المراجعات التي ستفرزها النقاشات التي ستدور داخل الأحزاب وداخل المجموعات الجديدة التي هي بصدد الظهور والإنتشار…
ومن لم يفهم الدرس ولم يفهم الرهانات الحقيقية ويُعدّل في استراتيجيات الفعل وبقي في مستوى شكون جاء الأول وشكون ما جاش... عليه بصبري لأنه سيندثر بشكل نهائي في أقرب فرصة.... هناك تيّار جديد سيتحوّل إلى طوفان.
مبروك لتونس عروس العرب وبقائها تاج على رأس بلدان الربيع العربي................