التونسيون و التعليم ..تضحيات و آمال و لكن في أي أفق؟

Photo

لاحظتُ هذه السنة كما في كل سنة انشغال عدد من الأصدقاء بامتحانات أبنائهم ممن يدرسون في التعليم الأساسي بمراحله المختلفة .

و للتندر كثير منهم يعدني بسهرة بعد أن يراجع لأبنائه .. و الحق أني لا أتذكر أني راجعت لأبنائي حين كانوا اطفالا إلا في مرات قليلة انتهت بعركة و بقرار من نور او معتز انهما لن يذاكرا معي بعد الآن (معادش تراجعلنا هههه ).

تفرغ كثير من الآباء و كل الأمهات غالبا لهذه الامتحانات في أجواء لا نرى فعلا أنها تلائم سن هؤلاء الصغار و قدراتهم على تحمل الضغط لكن من الواضح أن نظامنا التعليمي برامجا و طرق تقييم يعاني فعلا من ترهل و انتهاء صلاحية بالنظر الى انعكاساته الكيفية على العقول و الأنفس .

رغم كل التحولات القيمية و الاستهلاكية و الاقتصادية التي شهدها المجتمع التونسي ظل التعليم أولوية للعائلة التونسية تصرف من أجله الغالي و النفيس و لكن نظرة سريعة على مخرجات المدرسة و الجامعة تؤكد عدم تلاؤم منسوب العناية العائلية بالتعليم و مستوى التحصيل الفكري و العلمي و الأخلاقي للشاب التونسي فضلا عن الاحباط الذي تعيشه هذه العائلات بعد "نجاحها" في تمكين أبنائها من "شهادات" يتبين سريعا أن لا قيمة لها في سوق شغل وطني كسد نهائيا و لا قدرة لها على المنافسة في سوق شغل عالمي لم يتطور نظامنا التعليمي على ضوئه.

عناية العائلة التونسية "بالقراية" و حبها للنجاح هذا أمر ايجابي ..لكن اصلاحات جذرية لابد من الشجاعة لتدشينها حتى يكون للحب و العناية نتائجها ..أي تعليم نحتاج ؟ كيف ننظمه تحصيلا و تقييما ؟ كيف يكون للمؤسسة التربوية دور في بناء التونسي الجديد قيما و عقلا و ذوقا و روحا ؟ كيف يكون للعلم الذي تقدمه المدرسة جدواه على تنمية البلاد و تقدمها و اكتفائها الذاتي و استقلال قرارها العلمي و الاقتصادي و الاجتماعي ؟ و كيف يعود للشهادة العلمية دورها في الرقي الاجتماعي المادي حين نكيفها مع سوق الشغل؟ كيف نجعل حب العائلات التونسية و المربين "للقراية" حبا يقوم على النزاهة و تقديس المعرفة بعيدا عن "السوق و الدلال" الذي يتحول فيه التلميذ قبل الامتحان "عجلا" يتم نفخه بهرمونات "الدروس الخصوصية" و منشطات "الأسئلة الجاهزة" ؟

انها أسئلة لن نجد من يجيبنا عنها مادام لن يُسمح لنا باختراق عتبة الاقتدار مادام مصير تعليمنا تقرره دوائر مشبوهة تريدنا أن نبقى في وهم أننا نملك "تعليما" .

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات