هل تتحمل تونس صراعا دائما على السلطة ؟

Photo

باقالة وزير الداخلية لطفي براهم تتوضح أكثر أجنحة الصراع على الحكم بين مكونات الطبقة السياسية و لوبياتها و أذرعها حكما و معارضة .

صراع الأجنحة لم يعد مجرد أسرار غرف خلفية أوتسريبات خاسرين .منذ تعليق العمل و الحوار حول "الوثيقة" كان التصريحان العلنيان لرئيس الحكومة يوسف الشاهد و مدير النداء حافظ قايد السبسي ايذانا بتحويل الاصطفافات الى شأن مكشوف للجميع .

بينت الملامح الأولى للاصطفاف تمترس السيد يوسف الشاهد و حركة النهضة في جبهة "الاستمرار" و "الاستقرار الحكومي" المدعوم كما هو ظاهر من عدد من القوى الدولية الميالة الى استمرار الستاتيكو السياسي لتوافقات 2013 و مخرجات انتخابات 2014 رغم ما طرأ على هذا الستاتيكو من تغيرات جذرية و دراماتيكية و تحول في مكوناته و لاعبيه .

في المقابل بدا السيد حافظ قايد السبسي مدعوما من الاتحاد العام التونسي للشغل و عدد من المنظمات و الأذرع الرديفة أكثر حرصا على تغييرات جوهرية تصل الى حدود الدعوة الى ذهاب يوسف الشاهد .

العنوانان الكبيران لهذا الاصطفاف لا يمنعان "التخمين" بوجود تباينات جزئية داخل مكونات "الجبهتين" و استعدادا "براغماتيا" للمناورة و التسويات و تبادل المواقع كلما دخلت عوامل جديدة على الاصطفاف من أذرع رديفة و لوبيات متحركة و تعقيدات مشهد "اجهوي" و "عائلي" و "دولي" و تباينات داخل قيادات الأحزاب و المكونات .

لكن الاصطفاف يبقى الى حدود هذه اللحظة ضمن هذا الرسم العام بقطع النظر عن التفصيلات الجزئية للصورة . الاقالة تتيح تدقيقا في تفاصيل "القوى" و اصطفافاتها .

لا شيء يؤكد أن هذه الاقالة تمت من طرف "جناح" على حساب "مقابله" فالتقاطعات ممكنة في مسار صراع الجناحين و رئيس قرطاج مازال محددا "لقواعد الاشتباك" و نقاط "الالتقاء التكتيكي" .

وزير الداخلية المُقال لم يحز ثقة مطلقة من أحد الجناحين .فالنزعة الانتصارية التي يتصرف بها الرجل منذ توليه و تجييره لنجاحات أمنية تبدو في غالبها نتاج وضع اقليمي "للارهاب" و جهد معتبر لأجهزة "مهنية" جعلته موضع توجس من الجناحين .زياراته الدولية و خطاب التعالي الذي "تنطق" به "وزارته" عمقت من ضرورات "توافق" الحكام المتصارعين على "الخلاص منه" .

الأطراف السياسية .. أنصارهم يكشفون باندفاعاتهم "المزاجية" على فضاءات التواصل حول الاستقالة تفاصيل الاصطفافات الممكنة في البلاد بين قوى "الطبقة السياسية" حكما و معارضة .

أنصار النهضة يكشفون "استفادة" حزبهم من اقالة وزير يعيد بأدائه الاتصالي شبح "انقلابات" الأجهزة .و المعارضة "الثورية" من حلفاء النهضة سابقا لا يخفون ارتياحهم نكاية في "مشتقات القديمة كلها" أو احساسا لا شعوريا بأن "سلامة النهضة" ضمان لسلامة "المسار" و تحجيم "ثورة مضادة" تنتصر انتخابيا و يجب أن لا تنتصر "سياسيا" .

في المقابل لم "ينجح" المعارضون الدائمون للنهضة من اليسار الايديولوجي أو "التجمع اللاتوافقي" في اخفاء غضبهم من اقالة "أمل " استئصالي مفترض" لم يكن هو نفسه حريصا على ارتداء "زيه" و لم يحسن تواصليا في تحديد الرجل التي يرقص عليها .

المعارضة الخارجة من شقوق "النداء" ممزقة بين الشماتة في "الأب القديم" و الخوف من أن تمطر السحابة في مملكة "الشيخ العدو".

أين تتجه البلاد بهذا الصراع العبثي ؟لا أحد يملك جوابا حتى لو كان عرافا .

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات