نيكولا بو وسيناريو الانقلاب

Photo

سبق أن قرأت بتمعن الكتابين اللذين ساهم نيكولا بو (Nicolas Beau) في تحريرهما "صديقنا بن علي" و"حاكمة قرطاج"، وما لفت انتباهي حينها أن له اختراقا لقصر قرطاج نفسه، بمعنى أنه يستمد معلوماته في جانب منها من المقربين من بن علي، ممن لا يقدر على الوصول إليهم إلا استخبارات.

ومن هذه الزاوية فما كتبه عن سيناريو انقلاب أمر مزعج ومزعج حقا، خاصة وأن الكاتب يذكر المخابرات الفرنسية التي ساهمت إلى جانب نظيراتها الألمانية والجزائرية في الكشف عن تدخل الاستخبارات الإماراتية عن طريق رئيسها الذي التقى لطفي براهم.

بهذه المناسبة هناك من ينزع عن نيكولا بو مصداقيته باعتباره قابلا للبيع والشراء، قد أفهم من ذلك محاولة للتغطية على ما كتبه والتقليل من قيمته، ولكن في اعتقادي أن الأمر لو كان يتعلق بالمال والبيع والشراء، لما صدر كتاب "صديقنا بن علي"، إذ لو عرضه للبيع -قبل الصدور- على نظام بن علي لحصل على أغلى الأثمان للحيلولة دون صدوره، يكفي أن تعودوا إلى تقرير لجنة تقصي الحقائق حول الفساد والرشوة التي كان يرأسها المرحوم عبد الفتاح بن عمر، لتروا كم قبض بعض النكرات من الصحافيين والخبراء الإعلاميين التونسيين والأجانب من أجل مقالات كتبوها أو ربما كتابات لم يكتبوها.

عدة مئات من الملايين، والتقرير أعطى أرقاما مذهلة، أعطيكم مثالين اثنين: الصحافي الكاميروني V.M. قبض حوالي 920 مليون، كذلك الفرنسي B.M. قبض 988 مليون (انظر ص 160 و163 من تقرير الهيئة)، فهل طلب نيكولا بو أرقاما أعلى من ذلك مقابل كتابه الأول، حتى لا يصدر؟ كلا، وحينئذ ما هي مناسبة الحديث عن استعداده للبيع؟ طيب، فإن فات بن علي أن يشتري ذلك الكتاب، وقد رأى بأم عينيه ما كان له من صدى واسع ساهم في زعزعة صورة نظامه، فلا أعتقد أنه يفوته أن يشتري كتابه الثاني عن "حاكمة قرطاج".

أعود إلى السيناريو الانقلابي، لأقول بأن إزاحة لطفي براهم لا يمكن أن تكون بسبب غرق الحرّاقة، وهنا نتذكر الأجل الذي ضربه له يوسف الشاهد ب48 ساعة للقبض على سلفه ناجم الغرسلي. بمعنى أنه كان سيُعزل أيضا حتى لو لم يغرق مركب الحراقة، وهذا لا يكون إلا لأمر هام، أو على أية حال أهمّ من نجاحه في مكافحة الإرهاب. وهنا نتذكر زيارته المريبة إلى السعودية ومقابلته لملك آل سعود، والتي لم يرشح منها إلا أنه تلقّى شكرا من لدن ملك آل سعود من أجل مكافحة الإرهاب، وكأن هذا الشكر في حاجة إلى أن يستغرق خمسة أيام كاملة.

تبقى كما قلت إننا في انتظار أن يكذب أو يؤكد المعنيون الأمر.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات