أستمتع بقراءة تقرير لجنة الحريّات الفرديّة والمساواة وما ينطوي عليه من مقترحات وجيهة يمكن أن تكون مكسبا للحريات الفرديّة والمساواة ، ومقترحات عبثيّة مرتجلة لم يقدّر من صاغوها تبعاتها بل صيغت فقط في إطار الالتصاق الحرفيّ بالتصوّر الشكلانيّ للحريات.
خذ مثالا على ذلك إلغاء عدّة المطلّقة والأرملة بدعوى أنّ تطوّر الطبّ يمكن أن يثبت براءة الرّحم من الحمل مباشرة بعد المفارقة بالطّلاق أو الترمّل ، وحتّى لو حصل حمل فإنّ التحليل الجيني يمكن أن يمنع اختلاط الأنساب بإثبات نسب من ولد بعد أن حملت به أمّه في فترة العدّة الملغاة في إطار عقد زواج جديد ، كلّ ذلك في إطار حريّة الزّواج وعدم تقييده أو تعطيله بحدود زمنيّة و المساواة بين المرأة والرّجل الذي لا تشمل عدّة ،
محصّل ذلك زواج غير مأمون العواقب في علاقة باختلاط الأنساب والانخراط في إجراءات تحليل جينيّ في ظلّ رابطة زوجيّة جديدة في انتظار إثبات نسب وما يمكن أن يتسبّب فيه ذلك من إرباك وإثارة للشّكوك والنّزاعات والعبث بحرمة طفل وكرامته،
كلّ ذلك تعسّف وتكلّف وحرفيّة في تمثّل الحريّة الفرديّة والمساواتيّة الشكليّة واستعجال في عقد رابطة على أنقاض رابطة أخرى لم تنقض متعلّقاتها ، فهل تشكّل هذه الأشهر القليلة التي تعتدّ فيها المرأة حاجزا أمام المساواة والحقّ في الزّواج ؟ هل هذا مطلب محتمعيّ ؟
خذ مثالا ثانيا حول رفع تجريم اللواط والمساحقة باعتبار أنّ العلاقات الجنسيّة بين راشدين بالتّراضي من صميم الحريّات الفرديّة ولا دخل للدّولة والمجتمع فيها وهو قول مجانب للصّواب لأنّ المثليّة الجنسيّة رغم طابعها الحميمي فهي تشكّل تهديدا لأسس الأسرة الغيريّة القائمة على زوج وزوجة وأب وأمّ ، بل تفتح على الزّواج المثليّ والأسر مثليّة الأبوين familles homoparentales والأكيد أنّ دعاة المثليّة على وعي بأنّ رفع التجريم هو خطوة في ذلك الاتّجاه، ألا يعدّ ذلك اعتداءً على هيئة الانتظام التي استقر عليها المجتمع؟
أسئلة كثيرة تطرح بين يدي هذه الوثيقة التي يعتقد اصحابها أنّها مشروع شامل للإصلاح يسير على نهج روّاد حركة الإصلاح في البلد ويستأنف مسيرتهم الإصلاحيّة …