مسألة البرنامج و حكم تونس

Photo

حين نقول ان الفاعلين الأساسيين في مشهد الانتقال التونسي لا يختلفون جوهريا في برنامج حكم البلاد بقدر ما يختلفون في من يحكم / يطبق البرنامج ، يصف البعض هذا القول بأنه خلط اوراق و تمييع للصراع ،، المبدئي ،،.

فاعلو الحكم أنفسهم من المجتمعين على ،، وثيقة قرطاج ،، أكدوا قولنا هذا منذ اليوم الأول لتصدع ،، وفاقهم ،، حين صرحوا جميعا أن،، نقطة الحكم ،، هي مدار الاختلاف و باشتداد الاحتراب وسط النداء و شقوقه و من خلال الاصطفافات المتحركة للشقوق و المشتقات و الإعلام الخاص و العمومي و المنظمات و الشخصيات و الأحزاب "الفاعلة" في الصراع على النفوذ من النداء و النهضة و الحزيبات الرديفة تفتح صرة الصراع لمعرفة المضامين فلا تجد غير خيط "شكون يلزمو يحكم ؟هذا الجناح أو ذاك" اما البرنامج ،، الجاهز دوليا ،، اقتصاديا و اجتماعيا و تموقعا دوليا لتونس فهو على العموم واحد يتسابق ،، الفاعلون ،، جميعهم في ،، الكاستينغ ،، الذي يفتحه ،، الرعاة الدوليون،، دوريا لتدوير ،، الطبقة السياسية،، و ضمان ،، تداولها،، على ،، الخدمة ،،.

هذه الحقيقة العارية و المرة يتم برقعتها دون شك بنقاب مصطنع من خلق مزاعم ،، التباينات ،، بين المتصارعين لزوم التعبئة الحزبية أو إيهام عموم ،، المهتمين بالشأن العام ،، أن هناك فعلا صراع ،، برامج و رؤى و رمزيات ،،.

صراع ،، القوى الديمقراطية التقدمية ،، كما سمى آخر المنشقين باسم الهيئة السياسية لنداء تونس أنفسهم من المنحازين للشاهد و النهضة مؤخرا مع ،، الرجعية ،، التي يمثلها طبعا حافظ و حلفاؤه الجدد من جماعة الاصل التجاري لمشروع "دولة الحداثة" من محسن إلى رضا و غيرهما يؤكد حجم الاكذوبة التي تأسس عليها هذا ،، النداء ،، منذ يومه الأول في خضم الدماء و الدموع التي عاشتها البلاد من انتخابات اكتوبر 2011 إلى انتصار ،، المنقذين ،، في 2014 قبل أن تدخل البلاد في فوضى صراعات شقوقهم .

صراع ،، مؤمنين بالديمقراطية ،، مع انقلابيين و استئصاليين و لوبيات فساد كما يريد ايهامنا أصدقاؤنا في النهضة و من والاهم من الواقفين إلى جانب الشاهد الواقف لتونس هو نقاب آخر لا يستطيع ستر المؤثثين للشق الشاهدي من رعاة محليين و دوليين يصعب تماما الاقتناع بانتمائهم إلى فسطاط الديمقراطيين أو الثوريين أو أنصار الإصلاح إذ لا يقلون ،، شبها،، عن خصومهم المتمترسين في فسطاط حافظ و صحبه بل لعلهم كانوا من المتخبطين في نفس الرحم قبل أن يفرقهم التنافس على الحكم و الكرش دباغة صباغة كما تقول جداتنا في تفسير اختلاف أبناء الام الواحدة .

اخواننا من تنفيذيي اتحاد الشغل نفسه لا يستطيعون تفسير أصطفافهم إلى جانب حافظ في مواجهة يوسف بأنه كان على قاعدة انحياز الرفاق حافظ و برهان إلى خيارات بناء دولة ديمقراطية اجتماعية في مواجهة شاهد الدوائر المالية الاستعمارية النهابة و لعل التحوير و المرونة التكتيكية الأخيرة التي منحتها صناديق النهب الدولي لحكومة الشاهد هي التي جعلت الاتحاد مضطرا إلى الذهاب للقصبة ما يؤكد أن صراعات اللاعبين في المشهد التونسي ليست صراعات برامج متباينة بل صراعات ،، كومبارس،، للعب دور البطولة في برنامج واحد وحيد تعده القوى المتنفذة التي قد تغير اللاعبين المرشحين بحسب توازنات هذه القوى الدولية المتنوعة و بحسب إمكانات اللاعبين التونسيين و قدراتهم الحزبية و البشرية التي تم اختبارها مؤخرا في الانتخابات البلدية .

نكون من الأغبياء إذن لو حرص شقوق السيستام المرسكل و حليفتهم الثابتة النهضة على اقناعنا بان صراع منظومة 2014 التوافقية هو صراع برامج ،، وطنية،، و ان كنا نسمح لأنفسنا بما نعرفه من جدل داخل النهضة بأن لا نماهيها تماما مع شقوق السيستام رغم ان الخط السائد فيها حاليا لم يظهر على خياراته المحلية و الدولية بل و حتى الثقافية ما يسمح بتصنيفه خارج ،، البرنامج ،، الذي يتسابق اللاعبون الأساسيون على حكم تونس به .

هل معنى ذلك أن البرنامج الوطني الأصيل لتونس ،، الثائرة ،، و المنتقلة للديمقراطية الوطنية الحقيقية يوجد عند المعارضة الحالية المتوزعة في المشهد الحالي على كتلة الجبهة الشعبية و الكتلة الديمقراطية في البرلمان و على الغاضبين من أمثالنا من مستقلين و زاعمي نأي عن استقطاب نهضة / سيستام الذي يشق منظومة الحكم الحالي ؟

طبعا لا كبيرة ..فتقييمي لمشهدنا ،،المعارض ،، لا يخرج على اعتبار سردية "الغضب و الاحتجاج" مجرد أفكار متناثرة و مشاعر متناقضة لا ترقى إلى درجة ،"مشروع أو برنامج حكم معارض " متمايز عن مشروع الحكم الحالي مما يحول هذه المعارضة نفسها الى مجرد قطعة وظيفية في تأثيث مشهد زائف لم يبلغ فعلا مرحلة فرز بين "حكم ارتهان" و "معارضة استقلال و ديمقراطية وطنية " .

رغم هذا التوصيف الذي قد يراه البعض تحليل انسداد فإن ديناميكية الوضع التونسي و المحلي و الدولي تبشر بفتوحات كبيرة ستفرز أفكارا و اصطفافات حقيقية بين مشروع وطني و آخر مفروض و سيكون الفرز و الاصطفاف من أحشاء هذا السائد نفسه حكما و معارضة فالحركة على أرض الواقع سترتب حتما سماء الأفكار.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات