مساء ذلك اليوم القائظ من أيّام جويلية،ارتفعت حرارتي بشكل ينذر بالخطر،"شلّطتني يمّة "ووضعت لبخة لا يعرف سرّها غيرها على جبيني كي تمتصّ حرارتي،ومن خلال الروائح العطنة التي تنبعث منها من الممكن أن نتبيّن تركيبتها بدقة :رائحة البصل والثوم والقرفة والقرع الأخضر والبيض وعود القرنفل وزيت الزيتونة،
وكانت هنيّة مدعوّة لعرس في دوّار بعيد فطلبت من نعيمة ان تبقى معي هي والمنصف ولد عمّي كي يعتنيا بي حتى لا تتعكّر حالتي،طلبنا من المنصف أن يركب بغلتنا ويقتني لنا من عم الهادي الحوانتي ڤازوزة سينالكو وباكو حلقوم و باكو شريحة ،
تدبّرنا المال من مدّخرات نعيمة التي وعدناها بان نعيد لها المبلغ زائد عشرين مليما في أوّل فرصة ،بمجرّد انصراف المنصف ولد عمّي واختلائي بها حاولت الإقتراب منها فقفزت كالملسوعة وهي تصرخ "ريحتك بالبصل والعظام الفاسدة ابعدني"،تحضّعت لها واسترحمتها دون جدوى،وعندما عاد المنصف من العطار رفض بدوره أن أشاركهما اللعب،وألزماني بالبقاء بعيدا عنهما لأنّ "ريحتي زفرة خاصّة وقد أثرت الحرارة على البيض الطازج فتعفّن وانبعثت منه روائح لا تُحتمل"،
في الصباح الباكر قادتني يمّة إلى النّهر وراحت تفرك جبيني بالصابون الأخضر والطْفلْ، دون جدوى ،فقد اكتشفنا بعد حصّة التعذيب في النّهر أن الرائحة التي تنبعث من جبيني لا تزال قويّة ولا تُحتمل،وقد رفض أبي أن أجلس معهم في الغرفة المشتركة وألزمني أن أقبع في النوالة الملحقة بالبيت!وفي كلّ مرّة يقترب منّي المنصف ونعيمة ويسدّان أنفيهما ويصرخان "فففففف ريحتك ناتنة "وعشت أيّاما صعبة بسبب اللبخة الملعونة.
رحمك الله يا يمّة … اللبخة خفّضت من حرارتي ولكنّها عكّرت حياتي !!!