"إنّ السياسيين في خدمة الشعب… وغير ذلك خطأ وكفر! " عن البيان رقم واحد للمثقّفين والفنّانين والإعلاميين الغاضبين .
الذين لا يؤمنون بأنّ السياسيين في خدمة الشّعب هم من انخرطوا في السياسة لخدمة مصالحهم على حساب الشّعب ، وهم بذلك ينقضون العهود ويخونون الأمانة التي أوكلت إليهم بمقتضى العهدة الديمقراطيّة.
وصف ذلك بالخطإ تهوين من هذا الجرم الشنيع حيث لا تدخل خيانة المؤتمن في باب الخطإ والصّواب ، إلا في المسائل الاجتهاديّة التي تحتمل التّأويل واختلاف التّقدير.
كما أنّ وصفه بالكفر هو من أثر نبرة الغضب والانفعال التي اتّسم بها البيان الغاضب رقم واحد، ربّما نلتمس في قواعد البلاغة تأويلا لهذا التّكفير الصّريح من قبيل أنّ الغاضبين يقصدون الكفر بالشّعب ومصالحه ….
لكن إطلاق صفة الكفر دون خصيصة تميّزه عن تكفير جماعات التطرّف والإرهاب يُدْخِل البيان في دائرة التّكفير المجرّم دستورا ، لأنّ أهل السياسة والثّقافة مختلفون إلى حدّ التنازع في تقييم الوضع السياسي ويتّهم كلّ طرف الآخر بخدمة مصالحه على حساب خدمة الشّعب ممّا يفتح السّاحة الثقافيّة والسياسيّة على التقاذف بالتّكفير فنعيد إنتاج نفس ثقافة " الإسلام الغاضب ".
دور المثقّف هو التحكّم في انفعالاته الغضبيّة والتّفكير المنهجي العقلاني في قضايا الواقع وتشخيص ازماته وضبط الحلول الممكنة والنّضال لتفعيلها إن شاء من موقع الفعل السياسي داخل الأحزاب أو العمل في المجتمع المدني.
أمّا السّلوك الغضبي والتّكفيري فهو مظهر من مظاهر أزمة التّفكير السياسي العربيّ الوسيط والمعاصر المسكون بالعنف الرّمزي واحتكار المعنى وادّعاء الحقّانية ، وهو ما يتنافى مع التّفكير العقلاني والسياسة المدنيّة.