نعم ليس المرجع، رغم ورود لفظة الدستور 156 مرة في تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة، المشهورة بلجنة بشرى، ورغم التنصيص على أن هذه اللجنة تشكلت استنادا إلى دستور 2014 (ص 2)، وإيراد هذا الدستور في صدارة النصوص المرجعية (ص 24)، والتذكير بفصوله كلما اقتضت الحاجة. فإنه لم يكن إلا شاهد زور. والمفارقة أن المرجع الأصلي لم تقع الإشارة إليه مباشرة ولو مرة واحدة. بل قل ليست مفارقة، وإنما هي من مقتضيات البروز بعضلات اصطناعية.
إلا أنه مع الأسف لهم، أن الطرف الآخر وأعني به البرلمان الأوربي، لا يمكنه أن يتجاوز قانون النفاذ إلى المعلومة، فبحيث يتوفر في موقعه المرجع الأصلي الذي لم يشيروا إليه وهو "قرار الاتحاد الأوربي المؤرخ في 14 سبتمبر 2016 حول علاقات الاتحاد مع تونس في السياق الإقليمي"، المنشور في موقع الاتحاد الأوربي.
*ومن بين ما ينصّ والكلام موجه إلى تونس "يدعو إلى تحقيق التوازن بين الجنسين في سياق العمل العام، بما في ذلك إصلاح قانون الأحوال الشخصية لإلغاء القوانين التمييزية ضد المرأة مثل القوانين التي تحكم الميراث والزواج" (البند 14).
*و"يدعو إلى إصلاح المجلة الجزائية، وعلى وجه الخصوص ، لإلغاء المادة 230 ، التي تعاقب المثلية الجنسية بالسجن لمدة ثلاثة أعوام وهو ما يتعارض مع المبادئ الدستورية لعدم التمييز وحماية الحياة الخاصة" (البند 21).
* وبخصوص عقوبة الإعدام ورد أن الاتحاد الأوربي "يذكّر بأن عقوبة الإعدام منصوص عليها بالفعل في القانون التونسي فيما يتعلق بجرائم مثل القتل والاغتصاب، على الرغم من عدم تنفيذ أي عمليات إعدام منذ عام 1991 … ويذكّر بموقف الاتحاد الثابت ضد عقوبة الإعدام" (البند 55).
يمكنكم بطبيعة الحال العودة إلى القرار الأوربي كاملا.
وبطبيعة الحال الاتحاد الأوربي عندما يصوّت على مثل هذا القرار، فإن ما يتضمنه هي إملاءات. وإلا في المقابل هل عرض هذا القرار البرلماني الأوربي على البرلمان التونسي؟ لا، طبعا. المؤيدون للتقرير، هل قرؤوا القرار الأوربي؟ هل من مقتضيات الحداثة التسليم في السيادة؟
فبحيث الرئيس عندما شكل اللجنة، لا حول له ولا قوة، دعك من أن التحاليل التي تربط ذلك بالإعداد لانتخابات 2019، أو توجيه الناس عن الاهتمام بالقضايا الأساسية إلى قضايا الهوية، أو أن السبسي يريد أن يخلّد اسمه في التاريخ بفعل ما لم يفعله بورقيبة.
كلها تستحق ههههه. كل السجال حول التقرير كان خارج الموضوع. فلا اللجنة هي لجنة بشرى، ولا تركيبتها يمكن أن تكون مختلفة؟ ولا أعضاؤها يمكن أن يكون لهم رأي خارج تبرير ما تضمنه القرار الأوربي. مجرد صبابة ماء على اليدين. والدستور الذي يقولون إنه مرجعهم هو كذلك بقدر تأويله بما يخدم القرار البرلماني الأوربي، ليس إلا.