قد تغطّي حدّة الاستقطاب في مشهدنا السياسي على شروط "العملية السياسية". فلئن رجحت كفة "الشروط الوطنية" في "التأسيس"، فإنّ الخروج منه إلى "الانتقال الديمقراطي"، مع الحوار الوطني وانتخابات 2014، تم بشروط المنظومة القديمة.
وَأَمَّا ما انتهت إليه العملية السياسية من أزمة هيكلية حادة، منذ أربع سنوات ( أزمة حكم+أزمة مالية اقتصادية متفاقمة(، فإنّها تشهد بأنّ المتنازعين من "الفاعلين" إنَّما يتحرّكون في "شروط خارجية".
ويذعنون صاغرين لـ"إدارة الأزمة" التي يفرضها الخارج المتحكم بأغلب الشروط ، لأنّه لا يريد لها أن تُحلّ إلاّ في شروطه الصرفة.
والمحصّلة أنّه على مدى السنوات السبع كانت "الشروط الوطنية" تتقهقر تدريجيا لصالح "الشروط الخارجية"، إلى درجة صار معها الحديث عن السيادة الوطنية "نكتة سمجة".
ومع هذه الحقيقة المؤلمة وتواصل "الاستقطاب الهووي"، يأتي تقرير الحريات الفردية والمساواة ومناوشات الفرخين "يوسف" و"حافظ" برعاية المافيا لتحول الاستقطاب إلى "تقاتل هووي" والاختلاف إلى "نزاع سلطوي غنائمي" لن يخرج منه المنتصر والمنكسر من "شروط الهيمنة التامة والتبعية المذلة" التي "يتطوّر" إليها البلد.
نحن بإزاء طبقة سياسية "سلّمت" مقاليد البلاد إلى الخارج، ولاعبرة بالتنابز بالخيانة والتنازع في الوطنية بين مكوّناتها.
وقد تختلف درجة المسؤولية فيما آلت إليه الأوضاع ، ولكن كل من توفرت فيه المعاني الدنيا للكياسة والشجاعة سيعترف بنصيبه من المسؤولية سواء كان في الحكم أو في المعارضة.
هل هو الإفلاس؟
معروف الرصافي كان أكثر جرأة وأوجع في الإدانة حين قال:
لا يَخدعَنْكَ هُتافُ القومِ بالوَطَنِ ** فالقومُ في السرِّ غيرُ القومِ في العَلنِ