عندما تكون عملية الاتصال منقوصةً او انتقائيةً او مرتجلة يُصبح مضمونها مادةً للتأويلات المتناقضة، ووسيلةً للتفريق وتنقصُ صدقيّتُها كلّما تكررت بنفس المفردات …
واللافت أنّ في كل مشكلة يتم التخلّي عن وزير أو اثْنين كحلّ "جذري". ففي سياق مشاكل الكامور او تصريح وزيرة المالية السابقة او قضية قرقنه او المواجهة بين وزيريْ التربية والشؤون الاجتماعية السابقيْن والنقابة او وضع تونس في القائمة السوداء او وغيرها من القضايا ذات المسؤولية الجماعية تتم التضحية برئيس الحكومة او بمحافظ البنك المركزي او بوزير او بمسؤول دون توضيح كافٍ ودون متابعة إعلامية ولا اصلاحية في الشأن الذي كان سببَ الأزمة.
ويتزامن ذلك مع طرح ملفّيْن لا يمكن البتُّ فيهما نهائيا في الظروف الحالية ولا في الاجل القصير: حرية المرأة والحرب على الفساد، حيث تختصّ رئاسة الجمهورية في الاول ورئاسة الحكومة في الثاني. وكل طرف لا يتدخّل في الاخر ...ملفّان تتصاعد وتيرة النشاط فيهما تزامُنًا مع الظرف الاقتصادي او الأمني او السّياسي، ثمّ تخفت الأصوات وكأنه شيءٌ لم يقع…
وكأننا أصبحنا نتابع احداث مسلسل دورُ البطولة فيه يتغيّر حسب الحلقات، في حين يتواصل الفساد وتقبع المرأة كادحةً في الحقول، عاملةً بساعديْها، مكابدةً واقع مرير من المعاناة والفاقة، وفريسةً لأصحاب القلوب المريضة... ومع ذلك تُنشرُ الخطابات المتفائلة والمُبشّرة بغد افضل…