إلى سيدي وزير الداخلية مع التقدير

Photo

عادة، وزراء الداخلية لا يحبون من يدبر لهم أو عليهم، لأنهم يعرفون أكثر من أي واحد منا، لكن ليسمح لي سيدي وزير الداخلية أن أقول له إن أسوأ ما في بلاغات وزارتكم هي "القبض خلال دورية أمنية عادية على شخص مطلوب للقضاء في 70 منشور تفتيش"، يعني لم يتم العثور عليه إلا صدفة بعد أن اقترف 70 جريمة، دون اعتبار من سلم أمره لله من ضحاياه لعدم الجدوى،

يعني كان يخرج لسانه لضحاياه "توه تنفعكم الدولة"، ثم للسادة القضاة الذين أصدروا فيه برقيات الجلب والتفتيش "محسوب ؟ هاني نحوس" ثم للشعب التونسي كله "ليست هناك دولة" وتشجيعا لكل من تسول له نفسه الأمارة بالسوء بالسلب والفرعنة والتبوريب، رغم أن الحل أسهل ما يكون: "تكوين فرقة وطنية خاصة من أفضل كفاءات العمل الميداني مهمتها ملاحقة كل من تعلقت به ثلاثة مناشير فأكثر حتى في بطن أمه"،

ويكون من مهام هذه الفرقة إيقاف أي عون دولة أيا كانت رتبته يحاول تعطيل عملها أو مساعدة الهاربين من العدالة بأية صفة كانت، ليس فقط لأجل الإقناع نهائيا بأنه لا أحد يفلت من القانون، بل خصوصا لأن كل من تعلقت به ثلاثة مناشير فاكثر هو حثالة هذا العالم الذي يعيش من الإجرام ولا مبرر لحريته أصلا، فما بالك بمن بلغ 70 منشور تفتيش،

ذاكرتي ليست قصيرة

ليست لي أية مخاوف من الجيش الوطني فيما يتعلق بالشأن العام، كل المخاوف الواقعية متأتية من ممثلي لوبيات المال والفساد حتى أن السؤال اليوم هو: إلى أي حد يمكن أن تذهب هذه اللوبيات في الدفاع عن مصالحها ؟

نشأت على حساسية وتوجس من كل من يحمل زيا رسميا وسلاحا وصلاحيات، لكني لن أحس أية مخاوف إذا ما تولى الجيش الوطني الإشراف مؤقتا على أية مؤسسة عمومية، ذاكرتي ليست قصيرة: ففي بداية الثورة، طبخ لنا الجيش الخبز ووزعه مجانا، حرسنا من القناصة ومنحرفي الدولة العميقة، حمى الامتحانات الوطنية حتى آخر الأرياف ومعاقل الإرهاب ووقف حارسا للمقرات المعتمديات والولايات لكنه لم يطلق علينا النار حتى في أسوأ حماقاتنا وعاد إلى ثكناته عندما كانت السلطة "مرمية على قارعة الطريق".

أتاحت لي مهنة الصحافة الاقتراب كثيرا من الجيش الوطني وأعرف أنه، في أسوأ الأحوال، سيحتاج إلى أكثر من خمسة أعوام قبل أن تتغير عقيدته الوطنية لكي، ربما يظهر فيه طامع في السلطة، كما أتاحت لي مهنتي أن أرى جيوشا عربية عديدة ما يزال حذاء العسكري فيها هو الذي يصنع قوانين المجتمع المدني.

حاول أن تفهم ؟

78,668مليون دينار سنويا، تقسم على 1788 عامل على 12 شهرا: 3 آلاف و666 دينار شهريا، هو متوسط أجرة العامل في الشركة التونسية للشحن والترصيف في حساب عام 2016 (خير من قاض أو أستاذ جامعي)، وهو مجرد معدل حسابي، لأن معدل الإطارات في الشركة أقل من 12 بالمائة،

يعني خدام الحزام فيها يطلع بقرابة 4 آلاف دينار شهريا، فيما تقضي البواخر في المعدل عام 2016 ثلاثة أو أربعة أسابيع في انتظار تفضل الجماعة بالتفريغ والشحن، ولكي لا نظلم الجماعة، يجب أن نذكر أن 18 مليار من المليمات نفق سنويا للساعات الزايدة، يعني مليار ونصف شهريا فيما البواخر تنام لأسابيع في عرض البحر، ومليار ونصف شهريا تعني تشغيل 1500 شخص آخر بأجر ألف دينار شهريا، باهي ؟

إذن لماذا ذهب أمين عام اتحاد الشغل إلى البرط ؟ وقبله لماذا تتالى رؤساء الحكومات على البرط ؟ باهي: لماذا لا يتم إعلان برط رادس منطقة عسكرية مثل الشعانبي وإخضاعه لنظام تشغيل شفاف ؟ وأخيرا: لماذا لا يتاح لنا نحن الصحفيين العمل في البرط من أجل تحسين وضعنا الاجتماعي، حتى لمدة شهر في العام ؟

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات