غياب القوة السياسية الحاسمة

Photo

على عكس ما تتصور بعض التحاليل لا يبدو رئيس الحكومة يوسف الشاهد في طريق مفتوح يستطيع عبره حسم الصراع مع حافظ قايد السبسي لصالحه رغم انه قد حقق في الأشهر و الايام الاخيرة تقدما عليه بالنقاط .

يوسف الشاهد يمسك بجملة من الأوراق المهمة فعلا في صراع النفوذ على الطريقة التونسية : سلطة جزء كبير من الأجهزة باعتباره رئيسا للحكومة ، مساندة عدد من نواب البرلمان بعد تشكل كتلة الائتلاف ، سند ضمني من الرعاة الدوليين للانتقال التونسي ، و شبه سند مناور من حركة النهضة . لكن ذلك كله لا يعتبر عوامل حاسمة ليكتسب الشاهد قوة غالبة تحسم الصراع مطلقا لصالحه نظرا لطبيعة العوامل المحركة للتوازنات في الساحة السياسية التونسية .

في مقابل يوسف الشاهد يتموقع اتحاد الشغل معارضا لاستمرار حكومته و هو ما يجعل منظمة الاعراف نفسها تتحفظ من مساندة استمراره بشكل مطلق .

الباجي قايد السبسي و رغم ما فقده من أوراق قوة مقارنة بثقله قبل 2014 و ما بعدها بسنتين مازال قادرا على صناعة استقطاب لا ترغب حركة النهضة في استعادته على شاكلة 2012 و 2013 و هو ما جعل مساندتها للشاهد تبقى في حدود المناورة التي لا تصل إلى قطع شعرة معاوية مع الباجي و شق ولده خصوصا و هي تدرك جيدا أن يوسف لا يمكن أن يكون قوة وازنة تحميها من عزلة الاستقطاب كما حماها التوافق مع الباجي .

الكتلة الجديدة نفسها و المحمولة على يوسف لا تبدو عنوانا سياسيا مضمونا و قويا قادرا على معركة لي الذراع مع أطراف مقابلة متنوعة لن ترتاح إلى انتصار ناجز للشاهد ستراه في آخر التحليل انتصارا للنهضة و هو انطباع لن يرتاح إليه نواب في هذا الائتلاف نفسه من المعروفين بصراعهم مع النهضة بل لن يريح النهضة نفسها التي لا تبرمج ابدا على معادلة،، الانتصار ،، بل على تكتيك ،، التقاسم ،، .

المعارضة اليسارية أو ،، الوسطية ،، لن تقبل طبعا بدورها انتصارا ناجزا لشق الشاهد من منطلق تسليم ضمني بأن كل توازن ضعف بين الشقوق سيؤبد عطالة منظومة 2014 و عجزها عن الإنجاز مما يعمق جروحها في انتخابات 2019 و يمنح هذه المعارضة حظوظ جني الأرباح من جروح الشقوق العاجزة عن الحكم .

الرعاة الدوليون أنفسهم من الماسكين بالملف التونسي يدركون أن أسلم الحلول في حماية الانتقال التونسي و ضمان استمراره تحت رعايتهم هو منع الانتصار الناجز لطرف على آخر مما يجعل لعبة العض المتبادل للأصابع الدائرة حاليا بين حافظ و يوسف لا تتجاوز كونها عملية تعديل للتوازنات و مخض لحليب المشهد لاستخراج زبدة الفريق الذي سيخوض 2019 ضمن سقوف لا غالب و لا مغلوب و استمرار توافق القديمة المرسكلة مع الاسلاميين المدقرطين .

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات