لماذا لا يمكن للجبهة الشعبية ان تتحول الى رقم صعب في المشهد السياسي؟

Photo

قررت الجبهة الشعبية أو حزب الوطد الموسّع ان من إغتال غدرا بلعيد و البراهمي ليس سوى النهضة و انها تحولت الى عدو وليس مجرد منافس سياسي وانه صار بينهما "دم". لم تثبت مجريات الأمور ولا نتائج التحقيق ما يوافق قرار الجبهة، ولكنها مازالت تصر في تحركاتها الميدانية و التواصلية و خطابها على إستعداء النهضة وكل من يقترب منها. نفس القرار دفعها وبعضا من أبناء عمومتها الإديولوجيين الى ما يشبه كراء الرحم لعودة النظام القديم.

لم تفلح الجبهة او ما تبقى منها في استثمار التعاطف الشعبي الذي حصدته من جراء استهداف الإرهاب لقياداتها حين بالغت في لي عنق الحقيقة و محاولة استثمار الدم في معارك سياسية أعادت خلط الأوراق وتوزيع موازين القوى بين قوى الثورة و الثورة المضادة.

لم تفلح ايضا في تنضيج خطاب إجتماعي ينحاز للفئة الشغيلة و الطبقات الضعيفة والمناطق اقل حظا جغرافيا حين استبدلت تناقضها الفكري السياسي الأصلي مع راس المال الى تناقض ثقافوي متهافت مع قوى اجتماعية تشترك معها في القاعدة الإجتماعية عموما و مساحات نضال تاريخي مشترك في الجامعة و الساحة الوطنية لا يراها إلا فاقد ذاكرة أو فاقد بصيرة.

لم تفلح الجبهة في تأثيث مشهدية سياسية قائمة على المشاركة و التفاعل والتداول بديلا عن التنافي و النفس الإستئصالي. لم تفلح الجبهة في إخراج اتحاد الشغل عن دوره التاريخي كخيمة لجميع التونسيين كما انها لا يمكن ان تدعي مكاسب فعلية في المفاوضات الإجتماعية او الإحتجاجات المطلبية لصالح الشغالين وهي تهيمن على القيادة النقابية فمعلوم من هي القطاعات التي استفادت من زيادة الأجور و المنح اكثر من غيرها.

والحديث الدائم عن "الفشل" المطلق للحكومات المتعاقبة ما بعد الثورة لا يعفيها من مسؤولية ما في هذا الفشل إن سلمنا بوجوده دون تنسيب فهي طرف ضالع فيه.

لقد تنكرت الجبهة او مكوناتها لخيار التأسيس مبكرا وهي من ساهمت في المطالبة به في إعتصامي القصبة الشهيرين في 2011، و استبدلته بشعار باهت سمي "إنقاذا" و تكونت حوله "جبهة" سميت جبهة الإنقاذ لم تكن سوى حاضنة لعودة النظام القديم ورفع العزلة التي نجحت الى حين قوى الثورة في ضربها حوله في البداية .

والجبهة الشعبية هي آخر من يلوم النهضة على البحث عن تسوية ما مع قوى النظام القديم فهي في الحد الأدنى لم تدخل معه في "جبهة" رغم إختلاف تقييم هذه الخطوة للنهضة و مآلاتها.

لا يبدو ان النهضة تلقي بالا كبيرا لخطاب الجبهة و تمارس ضبط نفس يراوح بين التجاهل والصبر على بعض رفاق النضال في عهد الاستبداد في انتظار مراجعات تنتصر لخط الثورة على خط الثورة المضادة ولواقعية السياسة على العمى الإيديولوجي و للدمقراطية على الشمولية وثقافة النفي.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات