اطلعت على "التوجهات العامة لقانون المالية لعام 2019" (10 صفحات) الذي انفردت بنشره "أكسبرس-أف-ام"، وأقف عند الملاحظات التالية استنادا الى وجهات نظر الاقتصاد السياسي:
1) يبدو النصُّ وكأنه جزء من وثيقة أشمل، إذ يتضمّن اخلالات منهجية، منها :
(١) ما يُعلن في المقدمة، لا يتمّ تناول اغلبه فيما تبقى من النص،
(٢) اعتبار "التوجهات" بمثابة "أهداف للسياسة المالية" لكن في شكل إجراءات"، او بالأحرى أهداف للحكومة الحالية، تطرح للقارئ اكثر تساؤلات من اجابات وجدها في النص،
(٣) الاهداف مثلما وردت في صيغة "محاور" من "تنافسية" و "تخفيض في نسب الفقر" و "نهوض بالجهات الداخلية"، لا يمكن تحقيقها في غضون عام جبائي واحد مهما كان قانون المالية. كان من الأحرى ان يُنسِّب الكاتب ُ الاثار المنتظرة من الاجراءات باستعمال "دعم" او "تعزيز"، او "المساهمة في.."
2) تعني كلمة "توجهات قانون المالية" الطرق التي ستتخذها الحكومة في التوفيق بين الالتزام بعدم تجاوز الميزانية حفاظا على استدامة العجز، تحقيقا للاستقرار المالي وتعظيما للتحفيز المالي ( optimisation du stimulus fiscal) في اطار النفقات متوسطة الاجل(CDMT) من ناحية، والخطة السنوية التي ستُعتمدُ بهدف امتصاص او ترويض الصدمات الخارجة عن مجال ارادتها من ناحية اخرى.
كما على "التوجهات" ان تتضمّن طبيعة الاختيارات في السياسة المالية (توسعية، ترشيدية او مُشكَّلة،..) لكن هذا لا يتضمنه النص المنشور بتاتا.
3) يطغى على النص الجانب الإنفاقي التوسعي، لكن يطغى عليه كذلك الجانب الإجرائي (لا زيادة في الضرائب، تحفيزات جبائية لبعض القطاعات، تخفيض في الضريبة على اقتناء السيارات الشعبية،..) في شكل "بشائر" للتونسيين مدعومة بأرقام ذات الاثار "الايجابية"، لكن فيها جانبا انطباعيا لأنه فاقد البرهنة والحدود العامة التي وجب الانتباه اليها.
4) توحي هذه "التوجهات" بوعي لدى رئاسة الحكومة لما أعلنت العام الماضي انه آخر عام للمصاعب. والمصاعب المقصودة هي المتعلقة بميزانية الدولة، لا غير. اي ان العام الموالي سنجد توجها نحو توسعٍ في حجم الميزانية بالرغم من تحديث ميزانية عام 2018، بالرغم من انها لم تحقق أهدافها، بل توسع العجز الخارجي والدين العمومي الى نسب تاريخية،
فضلا عن عدم استدامة السياسة المالية خلال الأربع سنوات الاخيرة. وكانّ بشائر التخفيف على عبء المواطن والمؤسسة المُعلنَ عنها كانت مفاجأةً مستعدة لها الحكومة من قبل، أي للسنة الاخيرة من نيابتها !
ربما ارجع مستقبلا تفصيلات هيكلة الميزانية عندما تُنشر.