في الديمقراطيات المحترمة التي تقدر المواطن حقّ قدره، يستبق أي عمل دمج بين حزبين قراءات فكرية وتحليلات على مستوى الايديولوجي، تبين الدواعي وتفسر الأسباب وخاصة تطرح المرجعيات التي مهدت لمثل هذه الخطوة الهامة وذات البعد الاستراتيجي…
عملية الابتلاع التي اقدم نداء تونس لما تبقّى من الاتحاد الوطني الحرّ، تمت اشبه بقط يفترس جناح دجاجة سرقه من مطبخ الجيران. لا تفسير سوى ما قدمه رضا بلحاج المسؤول الضال العائد لتوه إلى حزب متداع بل يشرف على السقوط....
عندما نمسك منطوق هذا المسؤول أثناء الندوة الصحفية، نجد ان هذا "المنتوج السياسي" (الجديد/المتآكل) يحدد مساره بل ومصيره قياسا على النهضة، اي انّ النهضة (وإن كان الغرض ابعادها) تحولت إلى مرجع وبوصلة، بل سبب الوجود إن لم تكن الهواء الذي يتنفسه هذا الكيان الوليد/الهجين…
تكفي قراءة حسابية لنتائج الانتخابات البلدية لنتيقن ان لا عمق شعبي ولا وجود في الشارع لما يسمّى الاتحاد الوطني الحرّ، بل لا رأسمال له سوى حفنة من النواب دخل بهم هذه "الشراكة" التي جاءت أشبه بعملية تجارية راسمالها نواب صرفهم سليم الرياحي وقبضهم حافظ... إلى حين....
رغم إلحاح رضا بلحاج واصراره على تكوين جبهة "حداثية" (على حد قوله) تهدف إلى إبعاد النهضة عن الحكم، إلا أن عملية "الابتلاع" وما تهدف له من "إبعاد" الشاهد، جعل من النهضة المحدد الأكبر إن لم يكن الأوحد لجدلية الصراع في تونس، لأن من الأكيد وما لا يقبل الجدل، يكمن في استحالة تكوين (هذه) "الجبهة الحداثية" من قبل أحزاب ديدنها التشظي والتفتت...
الاكيد الاكبر حاجة كل طرف للنهضة لتحقيق الفوز الساحق، والنهضة أشبه بالقط الماكر يلاعب فأرين، وهو حائر من يفترس الاول....