إلّي عمل يخلّص.... ومانيش مسامح

Photo

في السياقات الحالية المحلية والدُولية من حقّ راشد الغنوشي بصفته أحد الفاعلين السياسيين الرئيسيين في المشهد التونسي الجديد وفي المشهد الإقليمي الذي هو بصدد التشكّل... وبصفته رئيس حزب الأغلبية البرلمانية وبصفته مسؤولا على مرحلة تاريخية ومن المؤثرين في وُجهة المسار الحالي... من حقه أن يُقدّم المبادرات ويقترح ما يراه منسجما مع خياراته ومع توجهات حزبه، ومن حقه كذلك ان يستجيب للإكراهات ويتفاعل مع الإملاءات حسب ما يملكه من مُعطيات... ومن حقة كذلك أن يبني لنفسه شرعية بمشروعيات جديدة فيُغلق "صندوقا قديما" ويفتح "صندوقا جديدا" يُراكم بداخله ما يرسم به صورة تتواءم مع طموحاته الجديدة....

الغنوشي لم تعد طموحاته أن يكون زعيما لحركة إسلامية مُعارضة ولا أن يكون رمزا للإسلام السياسي ولا قائدا لتيار داخل حركة الإخوان.... وبالتالي من حقه أن يُغير خطابه بما يتوافق مع صورته الجديدة والدور الجديد المُناط بعُهدته... ومع ما يفرضه الحراك الاجتماعي الذي صاحب "ثورة" الزواولة.

وفي المُقابل من حقّ كلّ مُعارض للتوجه الجديد للغنوشي أن يُناقش المبادرات ويضاددها ويقف أمامها بكل شجاعة... لكن ليس بالشتم والسبّ وقلة الحياء بل بالبرهنة على عدم صوابيتها.... بمضاددة الفكرة بالفكرة ومناقشة الحجة بالبرهان.

بالنسبة لي:

- المبادرة التي اقترحها الغنوشي ضربة قاصمة لمسار العدالة الإنتقالية. وخاصة للهيئة التي أنفقت أموالا طائلة وبذلت جهدا لا يُقدّر بثمن من أجل الحقيقة والكرامة.

- المبادرة فيها طعنة في ظهر "ثورة" 14-17 وجرحاها وشهدائها.

- المبادرة فيها صفعة في وجه أبناء النهضة الذين أُشربوا من كأس المهانة والإذلال.

- المبادرة فيها خيانة لذاكرة شعبية مشحونة بقصص القهر وروايات القتل والإغتيالات وحكايات الإغتصاب المادي والمعنوي.

- المبادرة فيها تكريس للاّكرامة وتشريع لممارسات الإستبداد وتشجيع لإعادة بناء دولة البوليس السياسي واللصوص والمافيا.

ربما لم يعش الغنوشي لحظة قهر وهو يرى بأمّ عينه زوجته أو إحدى بناته يقع اغتصابها تحت ناظريه في جيولات الداخلية… ولعله يجهل معنى أن يدوس بوليس بن علي أحلامك ويُحوّلك إلى شبه إنسان… وهو أكيد لم يذق وجع أن تخترق رصاصة رأس ابنك فتُحوّله من مشروع مُهندس إلى شهيد…

صحيح أنّ ما قاله الغنوشي في خطابه اليوم فيه الكثير من الشجاعة السياسية… ولعله يريد إنقاذ شخصه من تبعات قرارات ربما لم يتّخذها ذات سنة 1990. لكن عيب أن يدفع "المُترمّدون" ثمن ما فعله "الانتهازيون"….

إلّي عمل يخلّص…. ومانيش مسامح. إعتذاركم بلّوه واشربوه….

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات