بين صدمات التطبيع والهرولة الى المجهول

Photo

بدأت تتكشف بشكل متسارع سياسات الدول الخليجية – اذا ما استثنينا الكويت – التي تدل على تورطهم في التطبيع مع الاحتلال وسياساته المتغطرسة و المتحدية للقوانين والتشريعات الدولية في تحد كبير لمشاعر شعوبهم والمجتمعات الحية.

فقد صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا الاسبوع بأنه يحتاج الى العربية السعودية من أجل المال والصفقات العسكرية الكبيرة وأيضا للمحافظة على مصالح اسرائيل في المنطقة. وأشار الرجل إلى أن النظام القائم في السعودية تولى تمويل مشروعات لفائدة اسرائيل. كما نشرت العديد من المقالات في الصحف العبرية للدفاع عن ولي العهد السعودي ودعوة الغرب لعدم التخلي عنه من أجل المصالح الاسرائيلية.

ومن الواضح أن السعودية لم تجد من يدافع عنها اليوم إلا البعض من غلاة الصهاينة أو اليمين المتطرف في الغرب. وفي تدوينة سابقة، كتبت عن وصول وفد "رياضي" اسرائيلي الى الدوحة وكنت أنتظر تكذيبا رسميا للموضوع ولكن الحقيقة هي أن النظام القطري ربما سيسلك نهج السياسة التركية التي تتعامل مع اسرائيل منذ سنين طويلة رغم وجود معارضة واسعة ومتزايدة في كل من تركيا وقطر لهذا النهج.

صحيح أن قطر – كما تركيا – تدعم بقوة المحاصرين في غزة وهي من يدفع اليوم القسط الأكبر من تكلفة الطاقة للقطاع المحاصر وأنجزت عددا من المشاريع الكبرى هناك وفي فلسطين عامة ولكن كل هذا لا يبرر بأي حال هذه الهرولة نحو تطبيع مهين وغير مدروس ولا يحقق فائدة تحتاجها الدوحة بل ان هذا النهج يساعد في فك عزلة اسرائيل على المستوى الدولي ويعطيها مشروعية مفقودة لعل أهم تجلياتها انسحاب الولايات المتحدة من اليونسكو ومن مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة بزعم معادات منظومة الأمم المتحدة لإسرائيل.

وكشف تقرير لوكالة القدس براس اليوم أن وزيرة الرياضة الإسرائيلية وصلت إلى الإمارات. وأوضحت صحيفة يدعوت أحرانوت العبرية، أن ريغيف توجهت إلى الإمارات برفقة الوفد الرياضي الإسرائيلي الذي يشارك في مباريات رياضة الجودو المقامة حاليا في أبوظبي تحت عنوان "غراند سلام".

وقرّرت ريغيف الانضمام إلى الوفد الرياضي الإسرائيلي بعد موافقة أبوظبي على السماح للاعبي الجودو الإسرائيليين بالتنافس في مسابقات "غراند سلام" الدولية، تحت "علم إسرائيل" وعزف النشيد الوطني "هاتيكفاه" في حال فوز لاعب إسرائيلي بميدالية ذهبية.

وقالت الصحيفة: "على الرغم من أنه لا يوجد بين إسرائيل ودولة الإمارات العربية علاقات دبلوماسية رسمية، إلا أن العديد من المسؤولين الإسرائيليين أدوا بالفعل زيارة للبلاد، وكان من بينهم وزراء". ويذكر أن الوزيرة الإسرائيلية كانت قد صرّحت، مطلع شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، أن العلم الإسرائيلي سيُرفع وأن نشيد "هتيكفاه" سيُسمع أثناء مباريات بطولة رياضة الجودو في دولة الإمارات.

ووصفت ريغيف، في حينه، مشاركة فريق إسرائيلي في هذه البطولة الرياضية بأنه "حدث تاريخي له دلالات بعيدة المدى، وفاتحة لما بعدها". ويُشار إلى أن مشاركة لاعبِين إسرائيليين في بطولة الجودو بالإمارات، تأتي في سياق التقارب الحاصل بين الدولة العبرية ودول خليجية، في ظل تصاعد الحديث عن تطبيع العلاقات بين الطرفين، كما جاء على لسان مسؤولِين إسرائيليِّين في أكثر من مناسبة.

ولم يتضح بعد ان كانت هذه الهرولة بإرادة حكومات الخليج أم أمرا مفروضا عليهم ولكن الرفض الذي عبر عنه العديد من القطريين هذا الاسبوع لتمشي حكومة بلادهم وكذلك السعوديين المقيمين خارج البلد و مداخلة الغانم رئيس البرلمان الكويتي أمام أعضاء الاتحاد الدولي للبرلمانيين في جينيف، تعطي الأمل بأن الشعوب لا تموت وبأن ارادة فرض سياسات غير مقبولة لن يكتب لها الدوام والبقاء ولعل خير شاهد هو تواصل الرفض الشعبي لخطوات التطبيع.

وإن دراسة ما يحدث مع أمثلة النظام المصري والحكومة الأردنية والسلطة الفلسطينية يبين حجم التباعد بين السلطات الحاكمة وإرادة الشعوب . العدالة للجميع.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات