في سؤال أشبه بما يطرح على الأنعام في تخييرها بين الكلإ مقابل الڨرط، يطرح بعض السذج والمغفلين وأزلام النظام الذي انقطع شكلا وبقي مضمونا، أسئلة عن مقارنة ما كان وما فات من ناحية، بما هو كائن وما هو قائم من حال.
اختصار المعادلة (المقارنة) في المأكل والملبس وسائر الحاجيات المادية، لا يعدو أن يكون نزولا بالبشر إلى مرتبة الحيونات الأليفة التي يقع تسمينها للذبح عند اكتمال المدة.
في المقابل ليس هناك ديمقراطية معلقة بذاتها، لا تقدم العيش الكريم ولا تؤسس للعدالة الاجتماعية…
ما تعيشه تونس عبارة عن حالة تحيل كبرى: ديمقراطية شكلية على المستوى السياسي الفوقي، مقابل تأبيد لواقع اقتصادي يقوم على قاعدتين: الاستغلال الشديد والفساد المتغلل في احشاء البلاد.
ما يزعج (وهذه جريمة طبقة سياسية فاسدة او طبعت مع الفساد) أنها صنعت صورة ضبابية وحالة من التشويش في الرؤية امام المواطن العادي…
ديمقراطية شكلية وصورية صارت غلافا ووعاء لدكتاتورية السوق ومافيا التهريب والأسواق الموازية.
ذلك هو المطلوب، بين الفوضى والدكتاتورية يعمل من صنع هذا المشهد على جعل العمق الشعبي يختار الدكتاتورية من خلال ادوات الديمقراطية، ليعود بن علي في صورة رجل (يوسف الشاهد)، اشد طراوة واكثر صرامة…
فات هؤلاء ان هيبة الدولة انكسرت يوم 14 جانفي وان الخوف لم يعد كافيا لبناء الدول.... ان لم يفهم هؤلاء المعادلة، فهم يدفعون بالبلاد نحو حمام الدم ..