مارس قياديّون منهم "القوادة المستورة" في الحركة الطلابيّة، في الثمانينيات، وأهّلتهم براعتُهم في "الصبّة" لكي يصبحوا جزءا من منظومة التعذيب وسياطاً في يد جلاّد الشعب، في التسعينيات.
في الحركة الطلابيّة، وفِي مواجهة تزييفهم الإيديولوجي ارتفع، وإن باحتشام، شعار: لا يسار لا يمين /تونس للمستضعفين وفي مسالخ الداخلية والسجون، وفِي مواجهة إجرام النظام ومشاركتهم في جريمة التعذيب كانت صرخة:
بن علي والوطد / أعداء الشعب المضطهد.
لم يبق أمامهم، بعد الثورة، إلاّ قطع الطريق ومنع قيام مشترك وطني، والاستثمار في الدم، وتخريب جهود تأسيس الحريّة.
وانتهوا أخيرا إلى "القوادة بضخامة" و"الصبّة المفضوحة" و"الكذب المفلّڤ" في خدمة البائس السبسي وكل المتضررين من تأسيس الحرية: هيئة الدفاع، وطليقة الشهيد، وما يطلّ علينا في وسائل الإعلام أمثلة عن هذا العار العاري، والاستثمار المزري بأصحابه…
القوادة عندهم نشاط يومي، حتى صارت "الصبّة المستدامة" منوالاً …
المستثمر في الدم لا يريد الحقيقة لأنّها توقف استرزاقه المهين وتقطع عليه اللقمة الذلية الملوّثة بدم رفيقه. سمَّاهم المناضلون من أجل الحرية، أيٌام الجمر، "الاله الخفيّ للسلطة " وقد صحّ فيهم هذا المزعم، غير أنٓهم صاروا "الاله الخفيّ للسيستام"، بعد أن حررت الثورة جزءا، ولو قليلا، من السلطة في خدمة الناس والحرية، فاندسّوا أدواتٍ في جحر السيستام الذي لم ييأس من شطب المسار الجديد المتعثّر.
وفِي صراع السيّء والأسوأ الدائر أمام أعيننا اليوم هم في صفّ الأسوأ. حديثي ليس عن اليسار، حديثي عن الوطد وبعضٍ من أذنابهم اليوم وقد كانوا أذنابا لهم في الحركة الطلابيّة… أذناب الأذناب!!!.
وجب أن يعتذروا علنا لضحاياهم مثلهم مثل جلاّدي الشعب من النظامين البورقيبي والنوفمبري وأن يُحال المجرمون منهم ومرتكبو الانتهاكات الفظيعة على القضاء العادل.
أمّا الأحزاب وهيكلتها واستعلاماتها وشبكاتها وارتباطاتها و"تنظيماتها السرية" وعلاقتها بأمن البلاد ومسار بناء الديمقراطية فأمور سيادية وأولويات من نظر الأمن والعدل والقضاء المستقل…وليست موضوعا لـ"القوادة الإيديولوجية" المنحطّة في البلاتوهات الموجّهة…وإذا كانت نزعة القوادة غالبة وغير ممكن مقاومتها فلتكن للجهات التي ذكرنا وعلى رأسها القضاء.