ديمقراطيتنا الناشئة,وأنانيتنا الناتئة

Photo

بات كل شيء ممكنا في سيناريوهات المصير ومآلات الحال التونسي. كل ما تعرفه الساحة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، تحولات لا تستقر على حال، ومستجدات الوضع اليومي تطرح في كل يوم أسئلة وتجعل اليقين في ثبوت رؤية هلال الاستقرار النهائي اللازم لبدء دوران عجلات النمو وازدهار الاقتصاد وانتعاش الاستثمار، حلما مؤجلا إلى حين.

في رأي متفائلين..كل شيء تحقق، بالتحرر، واكتساب الحقوق في التعبير والتنظم ومشتقاتها، ومأسسة إرادة الشعب بالبرلمان ، وغيره، وصدور دستور عظيم يتفخر به الجيل، وتباهي به تونس شعوب الدنيا..

وفي عيون متشائمين، يبدو بعضهم موضوعيا علميا، والبعض الآخر من أنصار الثورة المضادة والنكوص عن موسم الربيع، خسرنا كل شيء، الأمن، وهيبة الدينار، واستقرار الوضع الداخلي، وإن عده الكثيرون، صمت قبور.

سئم الناس حال المراوحة في مكان واحد، واحتداد النزاع والجدل العقيم، وتعمق الهوة بين الفسطاطين، وإن اتخذا رايات وشعارات وألوانا سياسية وحزبية وإيديولوجية، واعتمدوا ذرائع فسيفسائية التنوع، غير أنها تحيل في النهاية لثنائية أنصار التغيير وبلوغ الثورة مداها، ومن هؤلاء تيارات النضال الوطني قبل الثورة، وقيادات الانتقال السياسي الديمقراطي المتصدرة للمشهد خاصة عبر الخارطة البرلمانية والحزبية وحتى الحكومية، ومن ورائها قطاع عريض من النخب الثقافية والأكاديمية.

وفي الصف الآخر، رموز وتيارات ومفكرون ومحللون يحذرون من جحيم ما حصل، ويندبون الحظ، ويدعون للتسريع بطي صفحة 14 جانفي ، وإعادة السياسيين الجدد الذين جاءت بهم الثورة وصناديق الاقتراع من حيث أتوا.

اليس منكم رجل رشيد؟

بلى رجلان,,هما الشيخان,,غير أنهما اختصما بفعل فاعل،وعادت حليمة لعادتها القديمة، ويوشك الصف أن ينفصم، وعروته أن تنفرط. ما الحل، والمسيرة تقدمت، والبلاد نالت كل آيات الإشادة والتنويه، وقد نجت من منزلقات الخريف، ومحارق الانقلاب والفتنة والفوضى التي عرفتها جل البلدان الشقيقة؟

ما الحيلة، وقد اختار البعض في أحد الفسطاطين التصعيد، وانبرى يبني المسوغات لمشروعية تصعيده، على شاكلة ما تم طبخه في اعتصام الرحيل.

هل تجدي التجربة المكررة نفعا؟ أوليس في مخرجاتها توافق وجب صونه وتحصينه وتطويره؟

المنظمة الشغيلة تقود حراكا إجتماعيا مطلبيا ، يبدو في باطنه سياسي ما، لا يعلم أحد مداه.. وقوى اليسار ومعها حلفاء ضد منظومة الحكم الراهن، المتضمنة بالخصوص حركة النهضة، على ضآلة تمثيلها الحكومية بالنسبة لوزنها الانتخابي، تبدو عاقدة العزم على الفسخ والإعادة من الصفر، واستبعاد من تصمه ادعاء، بالعنف والاغتيال و ترى فيه خيانة و..

وطيف مضاد للثورة، تقوده عبير موسي، تقترح نسف ما بني على 14 جانفي، مشككة اصلا في أسسه ومشروعيته..

وجانب آخر، يجرم المصالحة والعفو وبلسمة جراح من نكل بهم في سنوات الاستبداد، ويعتبرون هيئة الحقيقة والكرامة خطأ لا بد من إصلاحه..

في بعض الصفوف المتوارية، من يراهن على صيغة توليفة جديدة، تقوم على إنشاء منظومة حكم على القياس، على أنقاض الصيغة التي توهموا، لعوامل متداخلة، أنها باتت بلا صلاحية.

وفي الأثناء تبرز تقليعات وفنون مبتكرة في السلوك السياسي وحتى المؤسساتي والرسمي، توحي باجتهاد مناسب لصالح الشعب، ولمزيد تعزيز مكتسباته ولكن بأشكال غريبة ، تنذر بقلب الأوضاع ونشر الفوضى والردة عن ضوابط الديمقراطية ونتائج الانتخاب.

تهم وشبهات وحملات واستفزاز وجو مشحون، وحقن واستهداف مناطق تحت الحزام، كله جائز في قانون ماكيافيلي شريطة تدويخ الخصم، وعزله عن الحكم.

كل هذا من أجل هذا؟ وبقية المسار..واستحقاقات المرحلة القادم، وبقية التمشي الانتقالي؟

يبدو لدى بعض محترفي السياسة حديثا، من مدمني بعض الألعاب الفردية الإلكترونية، كل شيء مسموح، والوقت جد مناسب لتجديد المحاولة، وتجريب الحظ، أيا كانت التكلفة..

في الوضع التونسي خلل كبير، مأتاه فردانية مفرطة، ونزوع زعامي مرضي، وتضخم أنا مرضية لدى بعض اسرى النزوات والمشاريع المغلقة ، التي لا تعترف بقواعد التعايش الديمقراطي، لأنها في تركيبتها نشأت على نقيض التعدد والتسامح والتكامل مع المخالف..وتلك أم المصائب.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات