60 سنة وتلك الجهات محرومة من حقها في التنمية، محرومة من حقها في الوطن، محرومة من حقها في العيش الكريم، 60 سنة من عمر "الدولة الوطنية الحديثة" وتلك الجهات تزوّد في المدن بالخضرة والغلّة واللحم والحليب واليد العاملة الرخيصة... وتساهم في الدورة الإقتصادية بالعملة الصعبة المتأتية من الصادرات الفلاحية (الطماطم-والخوخ-وزيت الزيتون)... وفي الأخير ماذا؟
10 معزات وتيس... وكار تهزّ خالتي فاطمة تزور ولدها في المستشفى؟ ولدها الذي لم تُسجّله في دفتر خانة متاع الدولة... ولدها الذي لا يعرف من الوطن غير فولارة أمّه... وأخيرا خالتي فاطمة ضحكت لأنّ الدولة بعثت لها كار تهزها من بوزيد لسهلول... صفّقوا عاد على معز بن غربية!!!! موش هو السبب في تلك الضحكة؟ مهازل... وانتهازية وقلة حياء.
تلك الجهات هي التي كان من المفروض أن تكون محور اهتمام هيئة الحقيقة والكرامة... تلك المناطق هي التي تضررت من "الدولة الوطنية الحديثة" في نسختيها البورقيبية والنوفمبرية ... سكّان مناطق "الذلّ" هم الذين تعرّضوا لمحرقة حقيقية حوّلتهم "رماد"... عاشوا الإقصاء والتهميش وتجفيف المنابع.... كانوا في سجن جماعي يمارسون الأعمال الشاقة.
جبر الضرر لا يكون بنعجة و6 معزات... وإنما بفتح ملفّ للتحقيق في سياسات الدولة تجاه تلك المناطق ووضع الأمور في سياقاتها التاريخية والسياسية…
جبر الضرر لا يكون بتلك الإنتهازية التي تُمارسها القنوات التلفزية ولا بذاك الإذلال الذي يتعامل به "المُتعاطفون" و"المتبرّعون" … وإنما بالجلوس حول طاولة للتفكير العميق لتفكيك المشهد وفهم الأسباب التي وصلت تلك المناطق لما هي عليه من فقر وجهل وتهميش.
جبر الضرر يكون بتحويل "المشهد" إلى موضوع سجال وطني… تحكي فيه الأحزاب السياسية والمجتمع المدني ويتكلّم فيه الجامعي والأكاديمي… وتركّز عليه مكاتب الدراسات ومؤسسات الخبرة…
BASTA….الكأس تعبّأ