عوض ان تكتب "تقرأ"... تقرأ أغلب ما يكتبه الآخرون تحاول تفهم "وُجهة" التيّار... من يُمسك بخيوط اللعبة؟ من يُوجّه الرأي العام؟ من يفتعل القضايا؟ من يصنع الفعل؟
حكاية "العصفور" أنموذجا: الحبر الذي سال والجهد الذي أهدر والناس التي انخرطت في التنبير (من جميع الفئات والمستويات) يخليك تفهم أنّ "الثورة" ليست بحاجة لدولة عميقة تبتلعها ولا لمسؤول كبير يدمّرها ولا لثورة مُضادة تدفعها نحو الهاوية....
نحن (زعماء الفايسبوك) لدينا قدرة عجيبة على الإنخراط في فعل موحش تجاه ذواتنا... نحن نستبطن "مضاد حيوي" يدمّر كلّ الربيع العربي ولدينا استطاعة هائلة لتحويله إلى تسونامي في عزّ الصيف…
نسينا عصافير "الصناديق" وشهيدات الخبزة المرّة ولم تعد تعنينا المنظومة الصحية الفاسدة ولا المتسبّب في موت الرضّع … بل بكلّ صحّة رقعة نحن نبارك للوزيرة بالنيابة تكريمها في المؤتمر العالمي للصحّة وندوّر في تصويرتها ونروّج لنجاحاتها التي تجاوزت المحلي والإقليمي لتعبر نحو العالمي…
علاش كرّموها (المنظومة)؟ على الأدوية الفاسدة وإلاّ على الرضّع الذين ماتوا بسبب الإهمال والتسيب؟ علاش كرّموها؟ على المستشفيات المثالية (نظافة وصحّة وخدمات راقية ومُعدّات جيّدة) أو على الممرضات اللاتي تسببن في موت مريض لأنهنّ حصلن على إجازات بشهادات طبية مضروبة؟ علاش كرّموها؟ على نتائج التحقيق في قضايا الفساد داخل مخابر الأدوية؟ وإلاّ على لوبيات المال والسياسة التي دمّرت منظومة الصحة العمومية؟
الناس سلّمت في كلّ ما له علاقة بواقعنا… كلّ ما له علاقة بمُستقبل أولادنا (وزير التربية عايث فيها فساداً) … الناس ما عادش يهمها اعتصام أساتذة "إجابة" ولا حرمانهم من جراياتهم ولا الوضع المتردّي التي وصلت له "الجامعة" التونسية ولا أسباب "عزوف" التلاميذ على الدراسة ولا "الحرقة"…. وشادين في عصفور الشيخ.
وعي عُصفوري…. بدأ التأسيس له مع فيلم فريد بوغدير "عُصفور سطح"… ليتحوّل إلى مفهوم في علم اجتماع السياسي نحته شيخ التوافقات.
تونس تستاهل خير منّا….