كانت جنازته مهيبة، بمتابعة التونسيين لها على أرصفة الطرقات أو من وراء الشاشات، كانت جامعة لهم بمختلف انتماءاتهم إلا من أبى. قف. وأما الإعلام فقد حاول أن يسند ذلك إلى الحضور الأجنبي، وفي اعتقادي فإن ذلك من باب العقدة. فعندهم الاعتراف من الآخرين هو الكل، كما لو أننا في زمن الاستبداد حيث لا شرعية شعبية حقيقية فيقع تعويضها باعتراف القوى الأجنبية.
والإعلام المتعود على ذلك لا يستطيع أن يخرج عن نفس الزاوية، فضخّم حضور الرؤساء الأجانب رغم أنه كان متواضعا. ولو اعتبرنا منهم من تكلموا خلال التأبين، فحضور الرئيس الفرنسي، ومن خلال كلمته فالأسباب التاريخية حاضرة، ولا يمكنه أن لا يحضر.
وأما البرتغال ومالطة أيضا، فلا وزن لهما أوربيا ولا إقليميا. وأما بن صالح والسراج وأبو مازن، فلسنا في حاجة إلى القول بأنهم هم الذين يبحثون عن شرعية، وفاقد الشيء لا يعطيه.
رحم الله الباجي، لقد حظي بجنازة لم يحظ بها بورقيبة نفسه. وليس الأمر بحضور الرؤساء الأجانب وإنما الأهم دائما هو الحضور الشعبي التلقائي، وكان مكثفا، ذلك أن الشعوب الحرة هي التي تترفع عن خلافاتها في لحظات الحزن والشدة، بقدر ما في ذلك من رسالة قوية إلى من سيحكمون بعد اليوم.