في ذكراه ..كان يتعبّد بالتواضع لإخوانه

Photo

تحلّ اليوم، الذكرى الواحدة والعشرون، لوفاة شهيد العمل الإسلامي، سحنون الجوهري، في سجن مجرم تونس الأكبر، بن علي.

كان رجلا بألف. صريحا في كلامه، مباشرا في خطابه، متواضعا في حياته، قنوعا في طريقة عيشه، بشوشا دافئا مع إخوانه، عطوفا رقيقا مع المحتاجين إليه، فلا يبخل عليهم بالنّصح والمتابعة وبكلّ ما يستطيع.

كان يتعبّد بخدمة إخوانه وبالتواضع لهم. يحمل هموم المكلومين، ويصيح بأعلى صوته لنصرة المظلومين.
حدّثني رحمه الله، أنّه التقى ذات يوم - عندما انقضت محنة سنة ١٩٨٧ - بأحد جلاّدي مركز بوشوشة، فأغلظ سحنون له الكلام، لبطشه بإخوانه، فلم يبد الجلاد ندما على ما كان يفعل بالإسلاميين، فصاح سحنون في وجهه، وصاح الجلاد وتوعّد. قال له سحنون: إن قبضتم عليّ في حملة اعتقالات أخرى، فنفّذ وعيدك، ولكنّنا ماضون في محاربة ظلمكم. كنّا يومها نتناول الغداء في مطعم دمشق، بشارع الحرية، قريبا من مقر جريدة الفجر في أواخر سنة ١٩٩٠. وكان ذلك آخر لقاء مباشر لي معه.

كنت أتّصل به سنة ١٩٩١ من الجزائر. آخر مكالمة لي معه، كانت قبل اعتقاله بأيّام معدودة. أخبرني عن آخر الإعتقالات. رجوته، وألححت عليه ألاّ يذهب إلى مقر جريدة الفجر، خصوصا وأنّ الجريدة قد أوقفت عن الصدور، وأنّ حمادي الجبالي قد اعتقل، وكذلك عبدالله الزواري، وأنّ اعتقاله كان مسألة وقت لا غير. وافقني أنّه كان مستهدفا، لكنّه قال لي: أأترك الإخوة وحدهم وأختفي؟ هذا مستحيل. وعلمت أنّه استمرّ في التردّد على مقر الجريدة، إلى أن تمّ اعتقاله يوم ٢٣ مارس.

توفّي رحمه الله، عندما أمعنت إدارة السّجن في التنكيل به، وحرمانه من العلاج. وفاضت روحه الطاهرة إلى بارئها يوم ٢٦ جانفي ١٩٩٥.

لقد نجح سحنون في مقارعة الظّالم ومقاومة ظلمه، ونجح في التواضع لإخوانه وبرّهم. فاز في امتحان الدّنيا، وهو إن شاء الله من الفائزين برضوان ربّهم، وإنّا لك يا سحنون لممتنّون، وإنّا لفقدانك لمحزونون.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات