يختزل بعضهم عن حسن نية أو عن سوء نية مشروع الائتلاف المدني الإصلاحي التربوي في الدفاع عن مسألة الهوية على نحو هووي.
وفي الحقيقة لا تمثل الهوية على أهميتها إلا جانبا من جانب من جوانب مشروع الإئتلاف الإصلاحي، إذ أن الهوية (العربية الإسلامية) هي مكون من مكونات المرجعية القيمية في فلسفة الإصلاح التربوي لدى الائتلاف التي هي أحد العناصر الخمس الرئيسية في مشروعه.
وإليكم بيانه:
مشروع الائتلاف الإصلاحي التربوي:
1. فلسفة الإصلاح: فلسفة حداثية أصيلة، تتضمن المرجعيات والغايات والقيم. الهوية مكون من مكونات المرجعية ومنظومة القيم، إلى جانب القيم الإنسانية (بما في ذلك منظومة حقوق الإنسان) والمرجعية العلمية الكونية. وهو عين ما نص عليه الدستور. فإيديولوجية الائتلاف هي الإيديولوجيا الوطنية المعبر عنها في دستور الجمهورية الثانية. وهي إيديولوجيا تضمن التصالح مع الذات والانفتاح على الآخر والتواصل معه.
2. منهجية الإصلاح: منهجية علمية تعتمد قواعد هندسة الإصلاحات التربوية، التي تقتضي الاستناد إلى معايير موضوعية (دولية) عوضا عن الانطباعات الذاتية والإسقاطات الإيديولوجية. وقد اختار الائتلاف أن يأتي بهذه المعايير من براديغم الحوكمة الرشيدة والبراديغم الاستراتيجي. التي من بينها الشفافية والمساءلة والمشاركة والرؤية المستقبلية والتخطيط…الخ.
3- شروط الإصلاح: ومن أهمها الإحداثات المؤسسية الخمسة: المجلس الأعلى للتربية والتكوين- المعهد الوطني لتقييم المنظومة التربوية- كلية التربية- الميثاق الوطني للتربية والتكوين- كتابة الدوللة للإصلاح التربوي.
4- مضامين الإصلاح: وهي كل عناصر المنهاج التربوي من طرق ومقاربات بيداغوجية ومنظومة تكوينية ومنظومة تقييم وإشهاد وتحفيز وزمن مدرسي وهندسة تعليمية وبنية تحتية وتجهيزات بيداغوجية…الخ. وفي كل هذا يدعو الائتلاف إلى الاستئناس بالتجارب الناجحة والمتميزة في العالم (البلدان الاسكندنافية وبلدان الشمال الأوروبي وبلدان الشرق الآسيوي والشمال الأمريكي).
5- تمشيات الإصلاح: والائتلاف يدعو إلى توخي تمشّ ديمقراطي تشاركي فعلي، وليس من باب البروباغندا والمزايدة والمغالطة للرأي العام. فما يقوله لنا وزير التربية بهذا الخصوص على سبيل المثال في لقاءاتنا المباشرة معه هو غير ما يكرّسه فريقه المشرف على الإصلاح التربوي فعلا. وهذا لا يحتمل إلا ثلاث فرضيات: فإما أن يكون الوزير متغير المزاج وسرعان ما يغير رأيه. أو أنه يرغب فعلا في التعاون مع المجتمع المدني ولكنه عاجز عن تحقيق ذلك بسبب ضغوط مسلطة عليه، أو أنه يفكر في غير ما يقوله من باب التكتيك السياسي.
هذا هو المخطط العام لمشروع الائتلاف إذن: مرجعية حداثية أصيلة- منهجية علمية- إصلاح مؤسسي ديمقراطي- مناهج تربوية حديثة بنائية وناجعة- تمش ديمقراطي تشاركي.
غير أن مماحكات الإعلام وسعيه إلى خلق الحدث وتوجيه الرأي العام وتشويه الصورة الحقيقية للواقع المركب والأطروحات المركبة، وكذلك تصريحات بعض الأطراف القريبة من قيادة الإصلاح التربوي أو العضوة في الحكومة، وما يتبعه أحيانا من ردود من الائتلاف خاصة بجزء من أحد عناصر مشروعه، يوهم البعض بصفة عفوية، أو بتخطيط من بعض اللوبيات السياسية والإعلامية، بأن الائتلاف ليس له من هم إلا الدفاع عن قضية الهوية والقيم والأخلاق الأصيلة، التي على أهميتها، ومع اعتزاز الائتلاف بتبنيها، لا تمثل إلا إحدى عناصر مشروعه الإصلاحي المركّب على النحو الذي تم بيانه أعلاه. وبالتالي فمشروعنا هو أكبر من أن يختزل في مسألة الهوية وأن يحشر في زاوية هووية ضيقة.