حدث الجوادي قال:اصل ذلك ، أنه حصل زمن السبسي هرج ومرج، وأوغل العامة في النهب والسطو ، وعم الحريق البرّ والبحر، وتنادى قوم إلى الخروج على السلطان ، وأوجفت قلوب الناس وخيف من الفتنة، فطلع عليهم المنصف ولد عمي راكبا حماره الأشهب ومنتعلا بوطه الكاوتشو وهو يدخن سيجارته الحلوزي، فاجتمع حوله الناس وأمسكو بذيل حماره الشريف وسألوه أن يتدخل لدى السلطان عساه يتدارك الأمر فيعود السلام ويشتغل العاطلون ويعم الخير.
فأشار ، بيده الشريفة على الجموع أن انصتوا ، فساد صمت القبور ، فأشار إلى حماره وقال: إن ما يحصل في افريقية ليثير العجب وينطق حماري هذا: هل سمعتم بقوم منكم يقولون: لو ملكتمونا ناصيتكم اليوم لجعلنا منكم سادة و من بلدكم واحة ولأطعمنا الجياع وشغلنأ العاطلين ولفُقنا اليابان والصين والناس أجمعين، قال الجوادي، وقد و الله حصل اأمر لم يشهد الناس له مثيلا ، فقد نهق حمار المنصف نهقة زلزلت المكان وأرعبت الصغار والكبار ، وإذا به يتكلم بلسان عربي فصيح ويقول: إذن أحكم معهم، فلا أراهم يفوقوني في شيء، قال ذلك ثم صمت وعاد إلى برسيمه ، وولله لقد كبر الناس و سجد بعضهم وسموا عامهم ذاك عام البرذون وللّه الأمر من بعد ومن قبل.