تقبل علينا الذكرى الثالثة لاغتيال الشهيد شكري بلعيد بعد ايام قليلة ، فتنبعث رائحة الدم من مقبرة الجلاز، لتحدثنا أن الجهة التي تقف وراء مقتل شكري لم يتم الكشف عنها بعد. شكري بلعيد ذلك المحامي اليساري، الذي عرف بشدة نقده للأحزاب الإسلامية ذلك المعارض الشرس للحكومة و الشاهد الحق عن الفشل ، كان سلاحه الجرأة ،التي لم نعرفها سوى في الأساطير شكري بلعيد رحل عنا بعد ان تمت تصفيته بأيادي الغدر، التي ترفض لعبة الديمقراطية و ترمي من وراء اغتياله الى خلط الأوراق من جديد.
هو اغتيال سياسي بإمتياز، أطاح بحكومة حمادي الجبالي، أقبلت تونس على إثر تلك الفاجعة، على مرحلة فشل حكومي ثانٍ بقيادة علي العريض ليتم التأسيس بإغتيال الحاج الابراهمي ،الى ما يسمى بالحوار الوطني، و الذي كان ينادي به شكري بلعيد كلما خطب في الناس أو تكلم في وسائل الاعلام.
هناك منا، من يكره شكري بلعيد و هناك منا من يحبه و هناك منا من لا يعرفه، لكن لا احد ينكر قدرة الرجل على التعبئة و التجييش و التوجيه و الجرأة على النقد و البلاغة و الفصاحة في الخطابة، نعم إنه زعيم ،،،،،زعيم ثوري ،،،،أصيل منطقة همَّشتها الأنظمة السياسية،ترعرع بمنطقة جبل الجلود،سماها البلدية بمناطق النزوح ،وهو إبن الشعب الذي لا يشق له غبار بمساوئه و محاسنه.
بإغتياله دخلت تونس مرحلة جديدة،لان الاغتيالات لا تستهدف الاغبياء أو الأبطال الكرتونية بل تستهدف الزعماء المعارضين للسلطة و القادرين على قلب الحكم متى أرادوا،فشكري بلعيد لا يقل شأنا عن فرحات حشاد أو صالح بن يوسف، فتاريخ بلدان الجوار مثل الجزائر الشقيق، حافل بالاغتيالات السياسية،أما تاريخنا الإسلامي شهد اغتيال عثمان ابن عفان و الفاروق بن عمر الخطاب و عمر الخطاب،،،،فكلما طالت كلمة الحق العقول و اصبحت تدفع بالناس للتحرك ضد السلطة إلا و تم الإجهاض عليها بمصطلح و آليات الاغتيال حتى تعود الأمور كما كانت عليها،فكلما وجدت سلطة الا ووجدت معارضة لتقلق هاته السلطة،و بما ان السياسة بلا اخلاق ، فإن الاغتيال دائماً يكون الحل لسلطة بقوى ظلامية، تأتي على الأخضر و اليابس دون هوادة.
ونحن ندرك الذكرى الثالثة لاغتيال شهيد الوطن شكري بلعيد في ٦ فبراير،نرى أن المعارضة التونسية، المستعدة لفداء الوطن بدمائها حسب شعاراتها، قد هذبت من أخلاقها و خطاباتها، لأنها تخشى الموت و تطمح الى المشاركة في السلطة من خلال نقد ناعم،،،فبعد شكري بلعيد لن تلد القوى المعارضة رجل سياسة مثله و بخصاله ، فالكل يرى نقاط ضعفه في شخصية شكري بلعيد ،فقد كان المرآة التي يرى فيها العديد عيوبهم لأنه يذكرهم بعجزهم على قيادة المعارضة و الصراع من اجل شعب لا زال يعاني الويلات من سلطة الحاكم،فويل لكل من تسول له نفسه ذكر الشهيد بالسوء.