مخرجات الحوار الوطني حول إصلاح المنظومة التربوية
رغم أننا نلمس تغلغلا واضحا لبعض مفردات الخطاب الإصلاحي الائتلافي وجُمَله ومرئياته، كما وردت في الكتاب الأبيض للائتلاف المدني، في هذا التقرير العام، خاصة في باب المبادئ العامة، وهذا أمر إيجابي بطبيعة الحال، سواء جاء نتيجة توافق وتطابق في وجهات النظر أو حتى من باب محاولة سحب البساط من تحت أقدام الائتلافيين، لأن الأهم هو وصول الفكرة في حد ذاتها وانتصارها، إلا أن هذا لا يمنع من إبداء الملاحظات الأولية التالية على هذا العمل:
1. غياب الانسجام بين مختلف البدائل المقترحة في الاثني عشر عنصرا (مثال بين المقاربة التربوية التي جاءت عامة وفضفاضة بدعوى المرونة، من جهة، والتقييم من جهة أخرى) وأحيانا حتى في إطار الورشة الواحدة، مثل اقتراح فتح مسالك في التعليم العالي لإعداد إطارات التربية والتعليم وفي نفس الوقت تفعيل دور معاهد مهن التربية في تكوين الإطارات الإدارية والبيداغوجية. جاء في آخر التقرير أن تحقيق الانسجام يمكن أن يأتي لاحقا (الليقة تجيب..).
2. نقص الحرفية والخبرة التخصصية في تناول عديد المسائل الواردة في مخرجات الحوار الوطني، مثل مسألة الحوكمة الرشيدة التي تم التعامل معها بطريقة غير منهجية أي غير معتمدة لمعايير الحوكمة بشكل منظم، مثل الشفافية والمساءلة والمشاركة والتوافق والاستقلالية في اتخاذ القرار والفعالية والفاعلية وحكم القانون وسيادته والمساواة والشمول. ثم إن الحوكمة ليست مجرد موضوع لجنة من اللجان تطبقها على مجالين فقط :التسيير الإداري والموارد البشرية، بل هي مدخل من المداخل (براديغم) يمكن أن تطبق معاييره على كل مكونات المنظومة التربوية، مثلما اقترح ذلك الكتاب الأبيض لإعادة بناء المنظومة التربوية الذي صاغته اللجنة العلمية للائتلاف الوطني.
3. تجاهل صياغة ميثاق وطني للتربية والتكوين الذي هو إحدى ضمانات انخراط كامل المجموعة الوطنية في هذا الإصلاح وإنجاحه، فضلا عن تأمينه لقدر عال من التشاركية من قبل مختلف الفعاليات التربوية والمدنية والحزبية، وهو من ضمانات متانة أسس هذا الإصلاح.
4. في الإحداث المؤسسي تم إسقاط مطلب إحداث كلية تربية وتمت العودة إلى صيغ تكوين قديمة وهذا أمر غير معمول به في الإصلاحات التربوية الجادة والعميقة.
5. بخصوص اللغة العربية لم يتم تبني خيار التعريب واكتفي بمطلب التعزيز وهو مطلب غامض ولا يرتقي إلى درجة دستورية هذه المسألة.
6. في مستوى المقاربات التربوية تم استعمال جمل إنشائية لا تعني شيئا من منظور علوم التربية والعلوم العرفانية، أي كلام عام غير دقيق من نوع "اعتماد مبدإ التنوّع في المقاربات التعليميّة اجتنابا للتّنميط، ضمن هندسة تعليميّة رشيدة تحتضنها مقاربة تكاملية مرنة وفاعلة ووجيهة."
وستكون لنا عودة مع اللجنة العلمية في الائتلاف بحول الله لتقديم قراءة أكثر عمقا لهذه الوثيقة.