الإصلاح التربوي 2016 و خداع العناوين : ” مدرسة المواطنة “ مثالا

Photo

الإصلاح التّربوي 1991 كان زمان ... كان وزيرا

كان وزير التربية سنة 1991 سي محمد الشرفي رحمه الله يستمع بانتباه إلى مخاطبيه من متفقدي الابتدائي والثانوي كما يستمع بأدب وصبر واحترام للمربين

كان وزير التربية سنة1991 سي محمد الشرفي مستعدا لتقبل الرأي والرأي الآخر حيث يناقشه المتفقدون في مختلف شؤون التربية والتعليم ومضامين المواد التعليمية بل وطلبوا منه عدم تطبيق المنشور 108 وعند الاقتضاء التسامح مع الفولارة التونسية ولم يُنكر عليهم رأيهم ذلك وان تمسّك الوزير آنذاك بموقفه طبقا لرؤيته الايديولوجية للانسان والدين والكون والوجود .

وبغض الطرف عن قتاعاته الشخصية ورؤيته الفلسفية غير القابلة للتراجع او التعديل فانه كان محاورا مرنا ذا خلفية حقوقية … يستمع ولا يقاطع ، ينتبه الى الفكرة وينتظر استكمال معالمها ثم يردّ عليها بوضوح لا لبس فيه … وضوح لا خداع فيه … وضوح لا مناورة فيه … وضوح لا تمويه فيه .

كان ذلك سنة 1991 … زمن 7 نوفمبر … وتجفيف المنابع … فهل كنّا مواطنين ؟

أما الاصلاح التربوي 2002 فقد حدث في عهد وزير التربية سي منصر الرويسي وهو شخص مهذّب إلى أبعد الحدود في عهده تم تطوير إصلاح 91 في شكل جديد هو القانون التوجيهي للتربية والتعليم المدرسي ، وهو النص القانوني المعتمد حاليا في 2016 ، وهو أفضل ألف مرة من الوثائق المعتمدة للإصلاح التربوي 2016 ، فوثيقة عهد و وثيقة الاتحاد ووثيقة وزارة التربية تتعارض مع ما ورد في الدستور الجديد 2014 بل هي تكرس أسوأ الجوانب الواردة في 1991 و 2002 ومن شان السير في الخط الحالي أن يؤدي إلى " تخريب " ما تبقّى من المنظومة التربوية وهدم المعبد على فيه … فهل كنّا مواطنين ؟

في 2016 قال وزير التربية ناجي جلول ان الحوار الوطني تمّ مع الكائنات الفضائية في الكواكب الاخرى وانتج منهجية عمل يقول عنها انها لم تقص أحدا في حين لا يوجد في " المحفل " إلا طيف اليسار المتناغم مع نفسه لا غير . … فهل نحن مواطنون ؟

الاصلاح التربوي 1991 ـ 2002 … حيوية النقاش

دارت مناقشات تخص مضامين الإصلاح التربوي 1991 وكان من بين من ابدوا آراءهم من تحمّس كثيرا وعارض قائلا " ان هذا المشروع يهدف الى تنصير المسلمين في تونس " كان الرأي يبدو عالي النبرة كما كان يبدو مفاجئا وغير منتظر في مثل تلك المناخات الصعبة … استمرّ الحوار الثري والجدي و تباعدت المواقف … نُقل الأمر الى وزير التربية آنذاك فاعتبر المصطلحات المستخدمة في الحوار التربوي تجاوزت الحد المسموح به فاتخذ اجراءات تأديبية ضد عدد من المتفقدين … رُفعت هذه العقوبات بعد مدة ولكن أُدخلت تعديلات على المضامين خفّفت من حدّتها . … فهل كنّا مواطنين ؟

الاصلاح التربوي 2016 : منهج الاستبداد .

لكن ما يدفعني إلى ذكر هذه التفاصيل التاريخية هو أن للتونسيين الشجاعة الأدبية ـ مهما كانت الظروف صعبة ـ وبإمكاننا اليوم أن نُبدي رأينا مستفيدين من حرية التعبير التي أتاحتها " ثورة الحرية و الكرامة " فأقول ان وثائق الإصلاح التربوي 2015/2016 من شأنها إنتاج مشروع أسوأ من الحاضر … فهل نحن مواطنون ؟

تشير وثيقة شبكة عهد إلى المواطنة باعتبارالقيم الكونية واتفاقية اليونسكو لمكافحة التمييز في مجال التعليم وتتجاهل الدستور … فهل نحن مواطنون ؟

أما وثيقة الاتحاد العام التونسي للشغل فقد تضمنت في مقدمتها خطاب اللأخ الأمين العام { مع تأكيد التقدير له }حيث نعترض على صياغة خطابه بالشكل التالي الذي اعتبر الفصل 2 من الدستور أساس الإصلاح التربوي وقفز على الفصل 1 وتجاهله وتناساه … وهذا يتحمله الشق اليساري للاتحاد الذي يسعى لتفجير التناقضات في المجتمع التونسي بدل العمل على " دعم الوحدة الوطنية " بادراج الفصلين 1 و 2 اذ هما يتكاملان … فهل نحن مواطنون ؟

Photo

أما الوثيقة المنهجية لوزارة التربية فتتحدث في ص 4 عن الانسان التونسي ذي الهوية متعددة الابعاد وهذا مخالف لفصول الدستور 1 و2 و 39 ومخالف للتوطئة التي هي جزء من الدستور حيث يتم الانطلاق من الهوية العربية الإسلامية أوّلا كأساس للإنسان التونسي دون إغفال المكونات الأخرى لكن ليس بهذا الشكل التعويمي المخل بالنص الدستوري … فهل نحن مواطنون ؟

وفي مختلف التدخلات والمحاضرات والتفسيرات قدّم الثلاثي الراعي للإصلاح التربوي مقاربات ايديولوجية يسارية لمفهوم المواطنة باعتبارها " معاداة التديّن و محاربة الدين { محاضرة ندوة عمان }" و في حين غاب مفهوم المواطنة التي تعني الحق في حياة كريمة في وطن يتساوى أبناؤه في الحقوق والواجبات … والدليل على ذلك إسناد الإصلاح التربوي إلى الطرف اليساري الاستئصالي في الجمعيات والمنظمة النقابية وبغطاء خارجي . مدرسة مواطنة لا يشارك في تصورها وتخطيطها المواطنون . مدرسة المواطنة التي تقوم بإقصاء المجتمع المدني من الحوار الوطني لإصلاح المنظومة التربوية . فهل نحن مواطنون ؟… انه خداع العناوين .

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات