أما بعد
فقد بلغنا طعن مولانا في توزير أربعة ممن ارتضاهم أهل الحل والعقد في قصر باردو، وبلغنا أن مولانا يأبى التوقيع على فرمان التولية لشبهات فيهم لم يقدّم لإثباتها بينة ولا دليلا، فإن تكرم مولانا وأوقفنا على ما خفي عنا من بينات حكمه وأسرار حكمته، وأبدل الإجمال بالتفصيل والإتهام بالدليل، أكن له من الشاكرين وبأمره من الراضين،
وإن رآى مولانا أن يرسل البينات كلها إلى ما يرتضيه من الهيئات القضائية، كان غير ملوم ولا منازع في رأيه، وإني بفضل الله ضامن له رضى خصومه بحكم أهل القضاء.
أما إن كان لمولانا حفظه الله رأي غير ما تقدم، وارتضى رد الأمر لعامة الناس، فليخرج إليهم باسطا أدلته بغير مجاز، وليكن الناس حكما بينه وبين خصومه فتبرأ ذمته أمام الخلق ويوم الحساب.
وليعلم مولانا أن في بقاء الأمر على حاله إفسادا لمعاش الرعية وإخلالا بدواوين الحكم وإضعافا للقائمين عليها، وهو أمر لا يرضاه عاقل لقومه، فكيف يرضاه لهم من هو مثل مولانا في اقتفاء أثر الفاروق والعمل بسيرته …والسلام
كُتب بقصر القصبة المعمور بالخط الكوفي في السابع والعشرين من جمادى الآخرة، الموافق لتسع خلون من شهر فبراير بتقويم الفرنجة، مع توصية صاحب البريد بتعجيل إرساله بالحمام الزاجل، بعد التثبت من خلو الكتاب والحمامة من الطلاسم والسموم.
-من كتاب" ميمونة تعرف الربّي والرّبي يعرف ميمونة"، فصل" رسالة حامي حمى المقرونة لصاحب الأمر في بلاد الزقّفونة"، دار العبث للفكر السياسي، د.ت