لم أجد في صفحة رئاسة الجمهورية شيئا عن الحادثة التي تكلم عنها أحد المواطنين في حي التضامن مدعيا أنه تعرض للعنف من مرافقي رئيس الجمهورية. وقد انتظرت في شوق ما عسى أن تنشره الصفحة ولم يأت إلى وقت متأخر من الليل، حتى تكون الفكرة واضحة عن الأمر بعيدا عن المزايدات.
إلا أن الصدفة جعلتني أتابع التعليقات على الفيديو الذي ظهر فيه ذلك المواطن وهو يروي شهادته. عدد من التعليقات توجهت له بالقول: راجل، شجاع، أسد، إنسان واعي، كل التضامن، معلم، شريف، بطل...
إلا أن آخرين واضح أنهم أنصار الرئيس، انسابوا عليه سبا وشتما وتقريعا مستعملين معجم البذاءة والرداءة وسيل من الألفاظ النابية التي لن أعيدها في القائمة أدناه، مكتفيا بغيرها من الشتائم، وهذا ضمن الثلاثمائة تعليق الأولى فقط:
كذاب، كلب، نموسة، بلاصتك الحبس يا جرذ، بلعوط، يستاهل، حقك تاخوه في القرجاني، يا بصاص، طحان، منافق، نهضاوي كلب، جربوع، صبايحي، مسخ، يفلّم، توا تخرا فيه، وهف يهزك، وكذا من كذا أمك، مجرم، مأجور، يكب سعدك، يستاهل طريحة، صحة الشلابق، نهضاوي لحاس، بهيم، نعجة، شلاكة، تفوه عليك، يا قطوس، خامج، مجرم، قفاف، خوامجي، بيدق، موت تهزك…
واضح أن تلك العينة من العنف اللفظي تعكس جوا من التوتر السائد في البلاد، وقد ساهمت الطبقة السياسية برمتها فيه، وإذا لم يقع الانتباه إلى ذلك فإن الوضع يوشك أن يتطور إلى ما لا تحمد عقباه، ويتحول بين لحظة وأخرى إلى عنف مادي. إن اللجوء إلى الشارع للتحشيد والتجييش يؤدي إلى خلل الأمن العام، ويهدد الاستقرار.
الأخطر من ذلك أن يكون هؤلاء -كما يعبرون عن ذلك- هم أنصار رئيس الجمهورية، والذين يدافعون عن نظافته بأوساخهم، وهم يذكرون فقط بميليشيات التجمع التي استعملت كل الوسائل من أجل أن تهين التونسيين وترهبهم. والأكيد أن الكثير منهم كانوا ضمنها.
واضح أن التونسيين أصبحوا أكثر من أي وقت مضى يعيشون انقساما خطيرا يعبر عنه هذا العنف اللفظي الذي لا يهم أصحابه أن يعتدوا على كرامات الناس وإنسانيتهم ويهددونهم في حريتهم. هؤلاء يشكلون تهديدا حقيقيا للديمقراطية.