النقد في حرية كاملة هو من أساسيات الدولة الديمقراطية. لكن لا يجب أن يرقى النقد الى التجريم بلا حجج.. والحجة ليست وثيقة للقضاء إنما هي ببساطة إيجاد جواب على سؤال أساسي.. من أين لك هذا؟!
وليس على النقد أن يبلغ بنا إلى أعلى درجات الغضب والحقد الى أن تصبح العداوة أمرا عاديا بيننا هي عداوة لا تصلح شيئا، بل هي تنزل بالجميع إلى حضيض الأخلاق فالنقد عندنا منتفخ بالباطل والكذب في لغة ساقطة... نحن للأسف لا نفرق بعد بين النقد وبين الشتم والكذب.. لقد حان الوقت لنتعلم من جديد…
وفي البدء علينا أن نسكت قليلا. فقد أكثرنا من الضجيج المنذر بالخراب الكلى في أخلاق المجتمع. كل الفاعلين السياسيين وكل الإعلاميين المتصدرين للمشهد فقدوا مقَومات القيم بما يمنع من الجلوس معا للحوار والمناقشات. وللأسف فقد ساهموا منذ مدة في إقامة غلق أبواب فولاذية بين الفرقاء الذين تناسوا الوطن. ولا تتراقص في اذهانهم الا المصالح الخاصة فلا يعرف الجميع أن هناك من يسعد بهذا البلوكاج والإنغلاق الكلى لأنه يوفر أسباب الانفلاتات التي تقدر على بناء تصور خاطئ عن الحرية فتقضي عليها فهذا البناء ما هو الواقع إلا جدارا حديديا يمنع ظهور الحق ويغطى على الحقيقة و ويشجع على إحداث المزيد من الكوارث بممارسة الفساد الذي يصبح علنيا بعد أن عاش طويلا في السرية لأنه كان مرفوضا مدحورا. واعلامنا ومنابرنا جعلته مقبولا مبيضا. الي درج لم تعد فيها نعرف من هو الفاسد بحق.. بل لم نعد نعرف أين يوجد الحق..
هذا هو وضعنا اليوم. ولا نحتاج إلى التحاليل والحجاج للتدليل على الانخرام. الذي أصبح يفسد الحياة كلها فتحن اليوم نراه ونلمسه..
فما الحل؟!
على الجميع أن يعرفوا بأنهم أخطؤوا في حق هذا الوطن العزيز.علينا أن نفهم بأنه لا نبي في البلاد.. ولا يوجد زعيم موحد.. ولا قائد ملهم فالعصر غير العصر الذي عشناه الى حد الآن.. ولسنا في ذلك وحدنا فلا يوجد في العالم كله بلد واحد يعيش بقيادة زعيم ملهم على طريقة ديغول، او تيتو، او كاسترو، او جمال عبد الناصر.. إنما هو إداري قويم وقوي ومقنع .
وهذا الاعتراف المتبادل هو الذي يفتح الأبواب من جديد من أجل حوار وطني. نحدده أهدافه ولا ندخل الي فضاء الحوار بالشياطين في جيوبنا، بل لا بد من الانطلاق بصفحة بيضاء نخط عليها كلمة. قصيرة كالتالي : نحن الآن نبني الوطن من جديد بعد أن أخطأنا في حقه طويلا. و كدنا أن نضيع الشعب كله. لنبدأ على بركة الله بلا حقد ولا عداوات ولا تشويه للحقائق. هدفنا اليوم إيجاد الحلول ولا اسداء النصح ولا تبادل التهم. نشتغل معا ونترك القضاء يشتغل والداخلية تشتغل.. ومن يسقط يسقط وحده. من أجل أن نواصل الطريق معا…