هذه التدوينة مهداة الى صديقي اللدود الأمين البوعزيزي
في تعهير الغلام الأمرد
ارى كثيرا من اصدقائي المنافحين على الانتقال الديمقراطي ممن لم يتولوا المناصب و لم يقبضوا اثمانا يتألمون احيانا اذ يهاجمهم السفلة و مفرخ الوظيفية الواعية و غير الواعية بتهمة خدمة هذا الطرف او ذاك ممن امسكوا بالحكم بفضل الديمقراطية و كثيرا ما تكون هذه التهمة بخدمة النهضة و الشيخ حتى تكون تهمة كاملة الاركان ... احبتي لا تتألموا و لا تغضبوا فلا احد من قوادة القابضين من العهدين يفهم معنى ان تكون شريفا بلا ثمن ..
من حق الصادقين ان يتساءلوا لماذا يدافع نشطاء مستقلون مثلنا لا احزاب لهم و لا موقع لهم في الحكم عن تجربة ديمقراطية تونسية ليست بالسلامة و الشفافية التي تشجع على الدفاع عنها بكل قوة ...فيها فساد لا ينكره احد و صراعات جيو استراتيجية لا تخفى...و لم يستفد منها الى حد الان احد غير احزاب كبيرة منظمة و مراكز نفوذ تقليدية قديمة تملك مالا و اعلاما و تشبيكا داخل الدولة و خارجها ...ديمقراطية ليس كل من صعدتهم الى غنيمة الحكم ثوريين او اصلاحيين حقيقيين يجوز التحمس لهم ؟ …
غير الصادقين من الوظيفيين و المستفيدين من الاستبداد السابق و الحمقى المضللين حاليا يمارسون التلبيس: انتم تدافعون على ديمقراطية مطعون في سلامتها و لا يتحمس لها مستقلون غير مستفيدين ظاهرا الا اذا كانت لكم فائدة و لو خفية ...انتم مستفيدون اذن و تمارسون وظيفية طحين للنهضة و سيدي الشيخ او غير ذلك من الدعاوى ( هكذا قال للصديق لمين بوعزيزي مثلا غلام امرد احمق كان يكبس في مونبليزير قبل ان يطردوه بلا منحة طرد فنقم على شيخه و يريدنا ان نهجوه له كل صباح و مساء و الا اصبحنا في رايه وظيفيين عنده… ).
طبعا هذا مفهوم ...كثيرون من وظيفيين و حمقى لا يستطيعون ان يفهموا معنى العضوية الثقافية الكفاحية فقد قضوا كل اعمارهم كوظيفيين يشتغلون الفكر و السياسة و النقابة و حتى العمل الحقوقي بالمقابل مثل العضاريط مما يجعل اذهانهم و بنية تفكيرهم لا تستطيع ان تفكر الا بسؤال : ما المقابل و لماذا ؟.لماذا تكون شريفا و ما المقابل؟ هكذا يفكرون …
لكن عشر سنوات كاملة زهد فيها كثير منا (نحن الاصدقاء المكافحين من اجل نصرة الانتقال ) ...زهدوا فيها في المواقع و عجز فيها هؤلاء الوظيفيين عن اثبات دعواهم لذلك فلا فائدة في اجابة هؤلاء.
لكن لنجب الصادقين اعلاه ممن قد يداخلهم احيانا ياس من دفاع عن ديمقراطية ناشئة لا ينال ريعها الى حد الان الا كثير من الانذال المقتدرين و بعض الوطنيين العجزة ..
اولا يا احبتي ...من جرب كلفة الحكم التسلطي على البلاد و اقتصادها و تعليمها و ثقافتها و استقلال قرارها الوطني ..كلفته على البلاد التي فيها معاش ابنائنا و معادهم و حياتهم ...من جرب ذلك و خبره معرفيا و عمليا لابد ان يهب نفسه لشعبه و بلده من اجل ديمقراطية سوف تداوي نفسها باستمرار لان في الديمقراطية فقط و لا شيء غيرها سوف يعيش ابناؤنا و احفادنا بعد اجيال على غير ما عشنا .
ثانيا يا اعزتي من رأى بأم عينه كيف ذاق احبة و اصدقاء و جيران و طاقات بلاد العذابات بسبب انهم اختلفوا و فكروا بشكل مغاير لحكم التسلط و من خبر مرارة الاستبداد على اصدقائه او على نفسه فلن يتردد ان كانت فيه روح انسان اثمرت فيه المعرفة و التعليم و التنوير في ان يكون في سنين الجمر معارضا بما يقدر و بما تسمح به شجاعته في قول كلمة حق امام سلطان جائر و لن يتردد اليوم في الدفاع عن الديمقراطية رغم علاتها بعد ان وهبتها لنا الثورة حتى و ان لم يستفد من ثمرتها مواقعا و سلطة …
ثالثا يا رفقتي ... حتى بمنطق المنفعة و الفائدة الذاتية فان الديمقراطية مهما كان بخلها عليك كفرد فإنها تفتح لك كل اشكال الحلم الطموح المشروع بأن تنال ذات يوم بجهدك الفكري او السياسي مكانتك التي تستحقها في جو من الحرية دون هبة من احد فتكون الديمقراطية عندك مهما كانت قاصرة احسن من عهود تسلط لا كرامة لك فيها و لا طموح و لا احلام الا نيل قوتك و قوت عايلتك و امنك و امن عائلتك مثل حيوان مدجن بلا احساس بالمواطنة بين مخبر و قواد شعبة لا تنال قدرك معه الا اذا ضحيت بكثير من هدوء بالك و ليس كل انسان مستعد لذلك ..
لهذه الاسباب يدافع نشطاء مستقلون بألسنتهم و اقلامهم عن انتقال ديمقراطي في مواجهة مؤامرات و انقلابيين و استئصاليين، حتى لو لم يكن له من هذه الديمقراطية اليوم فائدة شخصية ...ديمقراطية محدودة يستفيد منها وطني او نذل و حقير خير من عودة تسلط اعمى لا مكان فيه الا للأنذال …
يا وظيفيي تونس الحمقى و الواعين ليس كل مدافع عن الحرية و الديمقراطية يجب ان نفتش في قلب صاحبه و جيبه عن الفائدة او ان نستهزئ من حمقه حين يدافع على ما لا يستفيد منه ....لأن هناك شيء لا تعرفونه اسمه شرف الانتماء الى الفكرة و الانحياز للتاريخ و الدفاع على مستقبل الابناء و الاحفاد و الوطن ....
انظروا جيدا يا سقط المتاع ..اليست وظيفيتكم الرخيصة هي من جعلتكم في العهدين اكثر "مصوارا" منا ... المصوار الحقيقي يا سفلة هو في دعم الاستبداد كما فعلتم سابقا و المصوار في دعم المضادة كما تفعلون حاليا ...في الوظيفية "تصور خير " لان فيها " العط " …
لكن خيار الشرف مدفوع الضريبة في العهدين : اليس هذا اشرف " مصوار " ؟