سؤال ما فتئ يخامرني حول وجود حزام حزبي حول قيس سعيد، مردّه الموقف الذي عبر عنه قبل أشهر من انتخابات 2019، عندما قال بأن "الأحزاب في تونس مثلت مرحلة في تاريخ البلاد وأن عهدها قد انتهى"، ربما هذا بالذات ما يفسر موقفه السلبي من مسانديه الذين أرادوا الاستفادة من دعمه في الانتخابات التشريعية آنذاك، وتكرر نفس الموقف السلبي من "حزب الشعب يريد" الذي أعلن عن نفسه في جوان 2020 وكثر الحديث عنه في المدة الفارطة، وقد ورد في صفحة رئاسة الجمهورية، بأن قيس سعيد لا ينتمي إلى أي حزب سياسي ولا ينوي إنشاء أي حزب.
لكن عندما نراه يحيط نفسه بحزام من حزبين هما التيار الديمقراطي وحركة الشعب، نتساءل هل تغير موقفه من الأحزاب؟ أم أن الضرورات تبيح المحظورات وهو بالتالي مضطر للتوسد بهما حتى وإن كان ضد الأحزاب؟ أم أن قبولها يندرج ضمن سياسة فرق تسد، في مواجهة المشهد الحزبي حتى يتمكن من تحقيق مآربه؟
الحزبان المعنيان، بطبيعة الحال يعرفان موقفه من الأحزاب، وهو ما يستوجب طرح أكثر من سؤال: فهل أنهما أقنعاه بخطأ موقفه وبالتالي أهمية دور الأحزاب؟ أم أنه وعدهما بأنهما غير معنيين بمصير بقية الأحزاب عنده؟ خلاف ذلك هل هما مستعدان للتضحية ينفسيهما؟ أم لكل حادثة حديث، ورهانهما أنه لن ينجح في تخطي الأحزاب؟
الحزبان لا يمكنهما التفصي من مسؤوليتهما كوسادة رئاسية، وفي هذا المعنى قال سعيد للمغزاوي والشواشي قبل استقالته: "ولا أعتقد إلا أنكما تقاسمان هذه المسؤولية الثقيلة في هذا الوقت". وهو ما يترجم عن دورهما إلى جانبه، وما ينجر عنه من انعكاسات على الساحة السياسية وعلى المناخ العام بالبلاد بما في ذلك الانسداد الحالي.