فإلى جانب انتهاكه للحميمي فإنّه:
1 - وسيلةٌ غير شريفة وغير سياسية تُستعمل في السياسة وقد تَقلِب معادلتَها في وقت قياسي في هذا الاتجاه أو ذاك بأقلّ التكاليف وبأعلى النتائج السياسية.
2 - مؤشّرٌ على تمَفْيُز السياسة وانفصالها عن المعلوم من القيم والأخلاق بالضرورة في حياة الجماعات العادية.
3 - دليلٌ على هامشية القضاء وضعفه. فإذا ما قلتَ لأحدهم : لماذا التسريب ؟ أليس الأولى أن تُقدّم المعطيات إلى القضاء بدل تسريبها إلى الإعلام؟ تكون الإجابة التي تؤكّد هامشيّة القضاء: القضاء لاحول له ولا قوة، وكم من ملف طواه النسيان.
فالمسرّب في تسريبه المعلومة إلى الإعلام يحتل مكان النيابة العموميّة والمحقق والقاضي والسلطة التنفيديّة.
4 - إحراجٌ جدّي للمؤسسة الأمنية، من جهة شعورها بأنها متجاوزة في استعلاماتها، ومن جهة الخشية من أن يكون جانبٌ منها مخترقا وشريكا في التنصّت والتسريب والعمل لفائدة جهات محدّدة في الدولة وخارجها.
5 - لا يدلّ على قوّة مستعمِله وتوازنه وثقته في نفسه. ولا يبرّر انخراطه فيه استعمالُه من قبل خصومه وأعدائه. ثمّ إنّ هذه التسريبات أضعف ممّا صُرّح به في بلاتوات معلومة مَنْ نُسبت إليهم هذه التسريبات نفسها.
6 - الاتهام بلا دليل لهذه الجهة الحزبية أو تلك بتهم الإرهاب والفساد وما إلى ذلك من التهم وإشاعة هذه الاتهامات بين الناس (اختصاص المحمّديْن) لا يختلف في سقوطه الأخلاقي والقيمي والسياسي عن التسريبات التي نعيش على وقعها. فبعض القيادات الحزبيّة ينطبق عليها هذا الحكم بسبب صبَّتِهِم المستدامة لقيس سعيّد.
7 ـ المُسرِّب مثل المُدّعِي وناشر الاتهامات هو في جوهره صبّابٌ لا يُوثَق بجانبه ويمكنه أن يبدّل موقعه. فوظيفة الصبّة ثابتة والمتحوّل هو المصبوب له وموضوع الصبّة.
8 - نشر التسريبات والصبّة واتهام الخصوم بلا دليل بقدرما تعبّر عن حال الطبقة السياسية فإنّها تتقاطع مع خطاب رئيس الجمهورية (المؤامرة، الغرف المظلمة، الخونة والعملاء) وشخصيّته السياسيّة. ويمثّل نشر التسريبات والتجسّس هدما منهجيا لمسار بناء الديمقراطية وتسميما للحياة السياسية ودفعا للناس إلى هجرها.
9 ـ من غير المعقول أن تبقى النيابة العموميّة متفرّجة وأن تكون رئاسة الحكومة مجرّد مطّلع على ما يُساق من تسريبات تطول مهمّتها وتهدّد مؤسسات الدولة. الأحزاب والقوى السياسية مطالبة ببرامج وبمساهمة مركّزة في ترشيد الحياة السياسيّة وتطوير فكرها وتوسيع مجالها وليس امتهان التسريب والصبّة ونشر التهم وترذيل العمل العام.