شهادة خطيرة لجوهر بن مبارك. هي شهادة مهمّة كانت ستنال صفة "شُجاعة" لو أتت في وقتها. فلا يوجد نصّ بريء. وفي هذه الشهادة أمران في غاية الأهميّة:
1 ـ تراجع التيّار الفجئي عن مشاركته في الحكومة بعد الاتفاق النهائي على مفاوضات ماراتونيّة كان للحبيب وجوهر دور كبير فيها. وهو تراجع لم يبرّر واكتُفي بالإعلان عنه. ولن أتحدث عن حركة الشعب، رغم علاقتها بالنكوص ونكث العهد.
2 ـ كذب رئيس الجمهوريّة في إعلانه عن استقالة لم تحدث لرئيس الحكومة بحضور رئيس البرلمان والأمين العام للاتّحاد. استقالة لا يعلم بها المستقيل نفسه(رئيس الحكومة). والغاية استعادة العهدة للعبث بالمؤسسات وتعطيل سيرها الذي نشهده اليوم.
الفخفاخ حسب الشهادة قبِل بالاستقالة المكذوبة وهذا، في تقديري، لسببين: أوّلا: جبنه وقبوله بالخضوع، ضعفه الذي لم يكن يظهر، وهو لا يؤهّله لتحمّل المسؤوليّة التنفيذيّة الأولى في البلاد. وثانيا: تأدلجه: وهو عامل مهمّ يجعل الفخفاخ يختار على النهضة أيّا كانت الجهة التي يدعى إلتى الاختيار بينها وبين النهضة. وهذا من حقّه خارج سياق الخضوع والإكراه.
بالنسبة إلى "تطييح الكلمة" والسلوك النكوصي، فهو ليس بالجديد، فقد خبرناه منذ تجربة المؤتمر، ولن تضيف شهادة جوهر إلينا شيئا ذا بال على أهمّيتها، ولكنّها تنير الرأي العام الذي تمّ تضليله بإعلام متواطئ وبتبريرات قياديّة تفتقد إلى الشجاعة والمسؤوليّة، في وضع حرج تعرفه البلاد. ومع ذلك فإنّه من المهمّ توضيح أسباب التراجع الحقيقيّة عن المشاركة في الحكومة.
الجديد بالنسبة إلينا، من جهة المستجدّات السياسيّة، هو "رشوة محمّد عمّار" الواردة بالتسريبات، وهي، إذا صحّت، خطيئة سياسيّة لزمت قيادات التيّار الصمت بشأنها. ومطلوب تقديم توضيحات بشأنها وشرح موقف الحزب منها.
ومطلوب أيضا ممّن لجأوا سياسيّا عند رئيس الجمهوريّة تيّمنا بطهره ونقائه و"هروبا من الفاسدين كلّ الفاسدين" وليس لغاية أخرى، أن تكون لهم الشجاعة ليكون لهم موقف من هذا الخداع في أعلى مؤسسات الدولة وفي مقدّمتها رئاسة الجمهوريّة المؤسسة المُحكّمة والجامعة لكلّ التونسيين.
ورغم ما بذله جوهر وحبيب من جهد، كلّ لغايته، فإنّ "الصفّ الثوري" ليس حقيقة ماثلة. بقدرما نحن أمام "صف ثوري متخيّل"، وهذا خير من بلاش. وعلى ضوئه كان المزاج الانتخابي الشعبي في انتخابات 2019 انتصارا للجديد غير المتعيّن والنقيّ المتوهّم.
ويبقى مبدأ مقاومة الفساد وشروطه ومواجهة الفاسدين قائما رغم سقوط الأدعياء، ويبقى الأمل في حياة سياسيّة موصولة بالقيم مشروعا رغم قتامة ما حولنا...ذلك هو الأفق...
أجيبوا جوهر، فنصّه لا يقبل التأويل وشهادته ساطعة... وإذا أثبتم خلاف ما قال سنعتذر عمّا كتبنا اعتذارا كاملا..