اعتمد مجلس حقوق الإنسان في ختام دورته العادية 46 وبأغلبية أصوات الدول الأعضاء، مشروع القرار المتعلق باسترجاع الأموال المنهوبة إلى بلدانها الأصلية الذي تقدمه تونس وليبيا ومصر وتتبناه المجموعة الإفريقية كمشروع إفريقي.
مشروع القرار كان أساسا لتحسيس المجموعة الدولية بأهمية استرجاع هذه الأموال وحق الشعوب في تقرير مصيرها في ثرواتها بما يساعدها على إنفاذ الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي تشكل جزءا لا يتجزأ من منظومة حقوق الانسان وعاملا أساسيا في مكافحة الفساد وإرساء دعائم الحكم الرشيد كما جاء في المشروع.
الغريب أن أغلب الدول التي تأوي الاموال المهربة والبلدان الاستعمارية – الاحتلالية السابقة صوَّتت ضذَّ حقِّ الشعوب التي نُهبت ثرواتها ومقدراتها في استرجاع أموالهم المنهوبة ورفضت حقها - كحق اساسي من حقوق الانسان - في استرجاع هذه الأموال وفي تقرير مصيرها في ثرواتها.
الامر يستدعي التساؤل خاصة وأن مشروع القرار هو مجرد تذكير لقرارات أممية سابقة كانت قد تبنتها الامم المتحدة وفي مستويات أعلى من مجلس حقوق الانسان ومن ضمن القرارات العديدة السابقة يمكن مراجعة قرار الجمعية العمومية – راجع التعليق 1 –
في الواقع ان هذا المشروع لا يضيف شيئا كبيرا على مستوى الاجراءات، ولكن كان مهما لجهة فهم سياسات الحكومات الغربية التي تأوي بلدانها و بنوكها الاموال المهربة وهذا السلوك يبعث برسالة خطيرة للفاسدين والمفسدين و يشجّع المستبدين على ارتكاب مزيد الجرائم ونهب مزيد من الثروات وايداعها في البلدان الاوروبية التي ترفض التقيد بالاجراءات والاليات الاممية ذات الصلة بالملف.
ما نحتاجه جميعا هو ليس قرارات أو مشاريع قرارات جديدة، بل فقط تطبيق الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد وتفعيل أحكامها المتعلقة بإجراءات المصادرة واسترجاع الأموال والتي تبين أن أغلب الدول لا تأخذها بعين الاعتبار. ولكن مع ذلك من المهم جدا مواصلة العمل على محاصرة اللصوص بكل الوسائل القانونية الممكنة بالداخل والخارج .
بالنسبة لتونس وبعيدا عن تسجيل النقاط هنا أو هناك فان الحل الوحيد المتاح هو التعاقد مع مكتب خدمات واستشارات قانونية دولي من أجل متابعة الملفات وتعقّب الأصول في الخارج والأموال في الحسابات بالبنوك الأجنبية وتلك المفتوحة بأسماء مستعارة أو لشركات وهمية أو صناديق ائتمان وتحديد خلفيتها الاقتصادية والمستفيدين الحقيقيين منها وهذا لا يمكن تعقبه الا من خلال منظومة وشبكة علاقات دولية وفي مستويات عدة .
أعتقد أنه من المهم جدا أن يقع التعاقد على أرضية النتائج المحققة وتحديد نسبة أرباح مئوية وتلزم الشركة بنتائج واجال معقولة هذا التمشي يعفي الدولة من مصاريف قارة ويشجع المكتب -الشركة على العمل من أجل الوصول الى الاصول والاموال التي يتم تحديدها وتجميدها ومن ثم العمل على استرجاعها .
يجب علينا أن نفهم أن استرجاع الموجودات والأموال المنهوبة ليست منّة أو فضلا على الشعب التونسي وغيره من الشعوب العربية، بل هي حقوق وثروات شعوب يجب العمل على ارجاعها بسلطان القانون وما ضاع حق وراءه طالب .