"التطابق في الرؤية و في التصورات بين تونس و مصر...رئيسنا القادم من المستقبل تنظيم الإخوان إلى زوال" هكذا كتب النائب الاستاذ هيكل المكي تعليقا على زيارة قيس سعيد. و اقول في التعليق عليها :
اولا: هذه التدوينة ليست مفاجئة رغم خطورتها و فداحة ان ينطق بها نائب شعب صعدته صناديق الديمقراطية ..ليست مفاجئة لأنها تنطق بكل صراحة بما يختلج في صدور الكثيرين ممن " ينتطرون " الدولة / النظم البوليسية و العسكرية ..كالعادة لتتكفل بخصومهم الاسلاميين الذين يفشلون امامهم كلما اتيحت فرصة تنافس انتخابي في ديمقراطية بالحد الادنى من الشفافية كما وقع في اغلب التجارب العربية وصولا حتى الى فلسطين المحتلة .
التيار الاسلامي في العالم العربي و رغم الكثير من الاخطاء الفكرية و العيوب التنظيمية التي تجعله موضوعا للنقد ظل يتصدر باستمرار المراتب الاولى في الاختيار الشعبي كلما اتيحت له فرصة سباق بالصناديق الشفافة على عكس القوى " المدنية " الاخرى و هو امر يجب التساؤل و البحث فيه بعيدا عن هذا " الكسل الانقلابي " الذي " يتواكل " على الانظمة البوليسية و العسكرية لتقوم بمهامها و بعيدا عن مجرد الثرثرة الايديولوجية و الادعاءات و ترويج الاكاذيب حول " الخوانجية " في وسائل الاعلام التي لا تقنع احدا و لم تغير شيئا في موازين القوة .
ثانيا : لا ادري ان كان الاستاذ هيكل المكي يعي ما يقول حين ينتظر من رئيس قادم من " المستقبل " ان يخلصه من الاخوان .
من المؤكد ان من يقدر على اعادة البلاد الى الاستبداد هو رجل من الماضي الذي لن يعود ابدا و سيكون لا من الخطا فقط ...بل من الحمق و الغباء تصور تونس لا ديمقراطية بعد الان و من المضحك تصور نظام سياسي قادر ان يحقق لك امانيك بعد اربعطاش جانفي لترى النهضاويين في السجن و دعك من رعب بعض الاسلاميين و خوفهم الدائم من عودة الاستبداد فتلك قلة معلومات و نقص في التحليل و مخلفات حقبة مرعبة .
ثالثا : الرئيس الدموي القادم من اقبية الماضي الذي "خلصك " من الاخوان في مصر هذا رئيس في نظام عسكر و امن مركزي عريقين في الانقلابات و الدماء و محمي بغطاء صهيوني في دولة على حدود العدو و قد تطلب ازاحة الاخوان الاف الارواح التي ازهقت في رابعة و عشرات الارواح التي صعدت الى باريها في السجون و مئات الاجساد الشابة الغضة التي تموت الان ببطء في نفس اقبية الزنازين التي كتب عن رعبها احمد فؤاد نجم و جلجل بفضحها صوت الشيخ امام ..
هذه الضريبة الدموية لا تستطيع دفعها الدولة التونسية و لن يقبل باقترافها جيشنا الوطني و امننا الجمهوري و لن يسكت عنها لو حدثت شعبنا الابي الذي ذاق طعم الحرية و لن تقبل بها لو وقعت نخب ديمقراطية حقوقية. في الساحة الوطنية و في البرلمان الذي انت نائب فيه و لا شك ان ما اعرفه عنك انت بالذات من رقة و دماثة خلق سيجعلك تنتفض لو وقع نصف ما فعله السيسي لأصدقائك و اخوتك النهضاويين و منهم احبة لك في البرلمان .
رابعا : تنظيم الاخوان المصري نفسه و الذي تتمنى زواله لم ينهه اربع رؤساء في مصر و قبلهم ملك رغم شراسة صراع معه على امتداد ما يقارب القرن و مازال هذا التنظيم قادرا على العودة الى صدارة الترتيب لو اعيدت الانتخابات و هو ما يتطلب فعلا تفكيرا عقلانيا و بحوثا و دراسات للتساؤل عن اسباب استمرار " الاسلام السياسي " كمشروع قادر على التعبئة عوض توهم مستقبل لن يأتي.
خامسا و اخيرا : الدولة التونسية التي تتطابق وجهة نظرها مع دولة الانقلابي السفاح المصري ليست دولتنا، بل هي مجرد دولة مشتهاة في ذهنك و لن تتحقق شهوتك يا اخي هيكل بعد الان حتى لو ترأسها الف قيس و الف سعيد يحمل في عقله نفس الشهوة التي في عقلك ...لقد انطلق العصفور و لن يعود الى القفص يا صاحبي …