اللّي كانوا يُسْكْنُوا في ڨبلي لُوطة يڨُولوا عَ اللِّي يُسْكُن في النَّزْلَة وإلاّ في أولاد عَڨُوب هُوَ يُسْكن في السُّوڨ، ويڨُولوا مَاشِي للسُّوڨ، وِمْرَوَّح مِ السُّوڨ، والسوڨ هْنِي هُو سُوڨ البَيَاز. أنِي أوَّل مرَّة خَشِّيتَه ڨَبَل أيَّامات من دخولي الأوّل للمكتب، هَزْني سِيدي باش يطَلّع لِي صَنْدَال، نْعَالَه من عِجْلَة كرهبة. كان يَصْنع فيه مَلاَّخ صفاقْسِي اسمه بسباس، حانوته في مدخل السوڨ من ظَهْرَة. كان السُّوڨ ثَمّيك سَاحة كبيرة مربعة، دايرة بيها الحوانيت من رابع جِيهَة، وفي وَسْط السَّاحة كَلَاتُوسَة كبيرة. ڨَبَل ما ينِحُّوها ويِبْنُوا في الوَسْط دُبُّوَّات وحوانيت.
نتفكر رُوحي في السنة الأولى، طلب منا معلمنا سي عمَّار المبروك باش نْجِيبُوا الفُول نْعِدُّوا بِيه، وبعد نْحُطُّوه في حُكَّة الشَّاميَّة اللِّي مَصْمْرة في ڨَرْنَة الطاولة ڨدّام كل تلميذ. حين ما رَوَّحت لْحُوش أمِّي حدهم في ڨبلي لُوطة، ڨُتْ لسيدي. من غُدْوَة حِين ما نُضِت مِ النُّوم، مَدْ لي عشرة فرنك، وڨال لي: برَّه امشِي وحدك للسُّوڨ وين الكَلَتُوسة، تو تلڨى البياعة يبيعوا في الفول.
نهارها كان سُوڨ الثِّلاث، لڨيت السّاحة مَلْيَانة بالنِّصَابِي بِحْذَا الكلتوسة، ڨَمَح وشِعِير وحُمُّص وفُول، وِحْذا كل نَصْبَة حُكة بوكيلو ورُبَع وصَاع، وڨفت عَلْ عُرْمَة فُول، وڨُتْ للبَيَّاع: أعْطِيني فُول. ڨَال لي: ڨَدَّاش؟ مَدِّيت لَه العَشْرَة فرنك. حَفَن حَفْنَة فُول، وحَطْها فِي جْيُوب طَبْلِيتي، ورَجَّع لِي العَشْرَة، وڨال لي: برَّه اقَرَا عَ رُّوحَك ما عَادْ لَكِش بَكْرِي. كُنّا نَقْرَوا للحْدَاش، ونُخْرْجُوا العشرة للرّاحة، نهارها خرجت ڨِدَّام المَكْتَب وفِي يدِي العَشْرة فرنك، شْرِيت بيها فُول طَايِب مِ الفَوَّالة.
سُوڨ البياز كُانوا فيه زُوز مَكْتْبَات يحِلُّوا الدَاخِل بِحْذَا فمّه الظهراوي، مكتبة محمود مِن غَرَب ومكتبة الكْرِيزِي مِن شَرْڨ. فِي الأيَّامات الأوْلَى بعد ما نَرِجْعَوْا للمكتب، يهِزْنِي سيدي بَعد المَغرب باش نِشْرُوا الأدوات، تَلْڨَى النّاس ارم الغربال يجي راكح، نْشِدُّوا ڨدام المكتبة اللِّي فِيهَا أقل نَاس. وما نروحوا كان بعد وِينْ أُوِين.
مِ الحَوَانيت اللي كُنْت نِعْرِفهم حانُوت قماش مُولاه عمّي الصِّغِير، في الصَّفَّة اللِّي غَرْبِي مَكتبة مَحَمُود، نِعِرْفَه عَ الخَاطِر قَرِيت مع الخَامِس وِلْدَه. وڨِدَّامَه البَيَّازي تَلْڨَاه فِي كُل وقت، في سروال بوتُكَّه وفَرِملة، ڨِدَّامه كُدس ڨمح وكُدس شعير، وصَاع يكيِّل بيه.
الحَوَانِيت البِحَارَة أكْثَرْهم مْتَاع قْمَاش وفِيهم الخيّاطة، منهم الصُّمْعَاوي والبَرْغُوثي وأصْحَاب سِيدي عم سالم وعم مسعود الشتوي، وحانوت المواد الحديدية لعم الكيلاني بن عڨوب الڨبلاوي. وفِي الڨَرْنَة الڨِبْلِيّة الغربية حانوت عَمّي العِيد بن احْمِد يبيع المَوَاد الغذائية، هو الزرسيني الوحيد في السُّوڨ، نِعِرْفَه مليح عَ الخاطر سيدي وصَّاني إذا كان اسْتَحَقِّيت حَاجة أكيدة نِمْشِي لَه هُو، وزٍيد نِعْرف أمَّه المْكَرْكْبَة بنت عم أمّي حدهم، كُنّا نطُلّوا عليها في حُوشْهم فِي جٍيهة البْلِيدَات.
الصَّفَّة الشَّرڨية، مكثر الحوانيت كانت مْسَكْرة عَ الخَاطر تْطِيح فِيها السَّمْس، والحَانُوت اللِّي يِخْدِم أكثَر هُو حانوت لَخِضْرَات فِي الڨرنة الڨِبْلِيّة الشرڨية. عمِّي لخضرات أَنِي نِعِرْفَه في ڨبلي لُوطه، منين كان حال حَانُوت للمواد الغذائية في رحبة الخَوَالْدِيّة، وبَعْد نقّل للسُّوڨ وعمل حانوت يبيع فيه كل شيء، حتى من حَلِيب الغُولة. أنِي نتِفَكّر شْرِيت منه المَنَاديف وحَجَر البْرِيكِيَّة وأمْبُول البِيل والعْمَارة الفَطْحة والسْكِيبِيدُو والسْبِيسْيَال، وكُل حاجة مِنْها بقصَّتها. وِكي بِدِيت نَقْرَا في الرَّابعة ابتدائي كُنت كل أربعاء بعد ما نُخرج مِ المكتب العشرة، نِمْشي لحانوت لخضرات باش نشري جرايد فِيهُم تَصَاوير الكُورة، بَاشْ نْڨُصْهم ونلصِّڨْهم في كرّاسة. وفي آخر العام نهز له كرّاساتي الكُلْ باشْ نْبِيعْهُم له، يڨرطس فيهم. وكُنت في كل مرّة نَنْدَم، عَ الخَاطِر الفلوس اللّي يمِدْهُم لِي ما يُوصْلُوش حتَّى مِيتِين فرنك.