لماذا يستغرب البعض مِمَّن يحملون همّ الوطن من:
-1- من غياب دور الدولة ومن ضحالة مــردودية المسؤولين فيها ومن غيابهم عن القيام بواجباتهم في عديد الحالات والمناسبات…
-2- من المستويات المنحطّة ومن جهل وقبح من انتخبوهم ليدافعوا عن مصالحهم وعن همومهم…
-3- من غياب الرؤى والبرامج لكل الأحزاب المتكالبة على الحكم وعلى الكراسي …
-4- من رداءة الإعلام وانحطاطه...بل وإجرامه في أغلب ما ينشر وما يقدّم وما يُسمَع وما يقرأ…
-5- من تيه وضياع ولخبطة وعنجهية رئاسة الجمهورية وتنكر الرئيس لوعوده الانتخابية، بل الانقلاب عليها رأسا على عقب…
-6- من ردود فعل المجتمع المتناقضة والسكيزوفرينية في أغلب حالاتها…
لماذا لا أرى داعيا للاستغراب؟ …
الجواب سهل وبسيط للغاية يأتي في قالب أسئلة سريعة هي الآخرى:
- منذ متى كانت لنا دولة حتى نتكلم اليوم عن غياب دورها؟ ألم نعش إلى حدود 2011 تحت نظام الزعيم الواحد والقائد الهمام والمنقذ المقدام... نفعل ما يراه ونحقق له أحلامه ونزواته والكل يرقص ويهلّل وينفّذ ما هو يقرّر؟؟
أليست العائلات المافيوزية بشقيها –عائلات الريع التقليدية وعائلات الموازي والتهريب- القديمة منها وحديثة العهد، هي التي تسطّر وتقرّر من يكون في القصبة ومن يكون في باردو ومن يكون بقرطاج...؟...ألم يعد هذا من المسلّمات وقد انكشف المستور...كلّ المستور...؟
من يموّل الأحزاب...أغلبية الأحزاب...؟ أليست هي نفس العائلات بالإضافة إلى التمويلات الخارجية وبالتالي تتحكم في مواقفها...؟
ثمّ من بيده وسائل الإعلام ...؟ كل وسائل الإعلام وبدون استثناء: المرئية والمسموعة والمكتوبة...؟ أليست هي تلك العائلات بذاتها وبشخوصها...؟
ومن يلوم المجتمع عن سلوكه المتناقض وعن ازدواجية ممارساته...هل نَسِيَ أنّ هذا المجتمع هو الضحية التي حوّلتها المافيات إلى أدوات لتنفيذ مخطّطاتها وترويج واستهلاك بضاعتاها بكل أصنافها...البضاعات الاستهلاكية المحطّمة للاقتصاد الوطني وللإنسان ذاته بفضل مسكها لدواليب الدولة والمؤسسات ذات الشأن،كلّ المؤسسات وبدون استثناء وكذلك البضاعات الفكرية الهدّامة عن طريق وسائل إعلامها المختلفة و التي بفضلها تُبثُّ السموم والكذب والإشاعات والغش والتضليل وبها تفرّق بين فئاته وطبقاته لتحكم وتسود..؟
إذن...لماذا الاستغراب ولماذا التعجّب من واقع ملموس وحقائق ساطعة تنطق بكل اللغات وتعلن بكل عنجهية وقلّة حياء عن وجودها وعن غطرستها وعن هيمنتها...؟ أليس من الجهل ومن الغباء وربمــا من العمالة عند البعض ترك كلّ هذه المعطيات الدامغة والذهاب إلى التفتيش عن طواحين "دون كيشوت" الهوائية فتخفي بذلك الورم السرطاني القاتل...؟
ولماذا ولمصلحة من طرح السؤال الخاطئ في المكان والوقت الخاطئين؟ منذ متى نجد الدواء الصحيح والنافع بتشخيص مخطئ؟
أسألوا أوّل طبيب يعترضكم في الطريق... إلى أن يحين ذلك... تونس معاها ربي................!