في حرب غزة 2008، كدت أترك دراستي في تل أبيب بسبب عدم قُدرتي على الرد والتعامل مع الأسئلة والاتهامات التي كانت توجّه إلي من قبل الطلاب اليهود.. بعضهم كان يتعامل معي وكأنني أنا المسؤول عن ضرب الصواريخ.. وكُنت العربي الوحيد.. فكانوا يستفردون بي.. وكانت أيام صعبة، ولكن والحمدالله أنني صمدت ولم أترك.. لماذا؟
سأوضح الإجابة في نقاط عسى أن يستفيد منها كُل طلابنا وشبابنا في الداخل:
* بشكل عام، يدخل الطلاب اليهود الدراسة بعد الجيش، وهم أكبر منا و"أنضج" وبالتالي، تخيّل شاب خرج من قرية صغيرة... بالكاد ناقش فيها أحدًا عن السياسة، ثم يضطر لنقاش خريجي وحدات خاصّة في الجيش أحيانًا؟ هذا ليس سهلًا، ولكنه فرصة كي ينضج الشباب بشكل أسرع.. كلما حاول الإجابة عن الاسئلة الصعبة التي تُطرح عليه، بشرط ألا يستسلم!
* نحن لا ندرس تاريخنا في المدارس... وإن درسناها ندرس بشكل سطحي عن "المسالة الشرقية والرجل المريض والبطيخ" ... أما المعرفة الحقيقية بالتاريخ والتي تُمكننا من النقاش بكل وعي ... فتحتاج جهد متواصل... أفلام وثائقية مثل سلسلة النكبة وأصحاب البلاد... روايات تاريخية وكتب مثل زمن الخيول البيضاء وعائد إلى حيفا... مطالعة الصحافة الإسرائيليّة، وكل هذا كُنت أفعله والأجمل أنه أتارح لي فرصة لدخول عالم الصحافة (دون أن أترك الهندسة)... كيف كُنت أشارك معظم ما اقرأه على مدونتي وعلى موقع ومنتديات الجزيرة توك حينها.
* برأيي، إحدى الأمور التي تُميزنا في الداخل، أنني نُجيد اللغة العبرية بشكل ممتاز جدًا تقريبًا، يؤهلنا لمطالعة ما يُكتب عن القضية من وجهة نظر صهيونية، وبعد فترة من الإطلاع على محتويات عربية... أنصح دائما بالاطلاع على التضارب في الآراء داخل إسرائيل... حينها كنت احاول قراءة التعليقات على مقالات الرأي الإسرائيلية... ولكن اليوم لدينا تويتر وفيسبوك وغيرها، يُمكن أن نتابعها بشكل ممتاز ما نريد عن قضايا محددة... فمثلًا لو كتبنا اليوم הר הבית أو נתניהו على تويتر لمتابعة "أحدث" التغريدات... سنجد حربًا بين الصهاينة أنفسهم.. سنجد آراء يستحيل أن نقرأها أو نسمع في الإعلام الرسمي.. سواء العربي أو العبري وهذا يجعلنا نتحدث عن القضية بثقة أكبر.. والأهم دُون خوف!
* إحدى الأمور التي ساعدتني جدًا في الصمود حينها، أنني طوّرت علاقتي مع الحركات الطلابية في جامعة تل أبيب... مثل كُتلة إقرأ الطلابية وغيرهم ممن كان لهم الفضل في "تشجيعي" على الخروج في اول مظاهرة في حياتي... وليس مُجرد عدم الخوف من النقاش (كما يرعبوننا في القرية).
* النقطة الأخيرة : سيُرعبك البعض بأنه سيتم اعتقالك لو تحدثت في السياسة... ولكن الواقع، أنك لو تحدثك عن علم ورأي ومعرفة ... وأجدت إستخدام المصطلحات، فلا ينبغي أن تكتب وتناقش وأنت خائف، أنت ببساطة تقول الحقيقة التي تؤمن بها، تمامًا كما أنهم يقولون ما يؤمنون به... ولكنهم فوق ذلك يذهبون إلى الجيش... ويحاربون عن مبادئهم... !
هذا باختصار.. وتذكروا أنها ليست أول حرب ولا آخر حرب.. هذه حياتنا ويجب أن نعيشها بكرامة...!