ارجو ان يتسع لها صدر الاصدقاء …
في الحروب يكون الاعلام والفضائيات والوكالات جزء من المعركة وكل خبر تكون له انعكاساته على الارض في تنقلات القوات و تموقعها و وضعية الحاضنة السكانية للقوات و حتى في كشف الاسرار فضلا عن ممارسة الحرب المعنوية.. لذلك يكون لجيش العدو اعلامه العسكري وللمقاومة اعلامها.
في الحروب ليس هناك اعلام مهني محايد. كل اعلام شعر بذلك قصدا ام لم يشعر غباء وحمقا يقدم خدمة لهذا الطرف او ذاك.
رغم ما يبدو عليها من مهنية واجهت للأسف قناة الجزيرة جملة من الانتقادات من المقاومة وحاضنتها وخبراءها ونرجو ان تستمع هذه القناة الصديقة للشعوب العربية النصيحة من خلال ملاحظتنا كمتابعين نزعم اننا نعرف بعض مهارات الاعلام في السلم والحرب.
وقعت الجزيرة البارحة مثلا في الخدعة الاعلامية لجيش الاحتلال حول نشر اشاعة التوغل البري التي انطلقت من قسم الدعاية في جيش الاحتلال وقد واجه وقوع الجزيرة في هذه الخدعة انتقادات كبيرة فقد اربكت الدعاية الكاذبة حاضنة المقاومة التي اضطرت الى بذل مجهود مضاعف لإقناع سكان غزة بملازمة الهدوء وضبط حركتهم مؤكدة استعدادها لكل الاحتمالات لتتفرغ المقاومة لمهامها. بعض العائلات بقيت مع ابنائها في العراء. ودخل الاضطراب على السكان الذي يربك طبعا تحركات المقاومة التي تحتاج في حركتها الى حاضنة هادئة تلزم الاماكن التي تحددها لها.
هذا الخبر الخادع الذي روجه الاعلام العسكري للمحتل كان يهدف ايضا الى اخراج المقاومين لمواقعهم البرية على الحدود لتقتنصهم الطائرات لولا ان المقاومة طبعا قد تطورت قدراتها الاستخبارية وهي لا تتلقى اعلامها من العدو ولا من الفضائيات.
في خصوص تهويل خسائر غزة وعدم النقل الدقيق لارتباك الداخل الصهيوني بدا هذا الامر ايضا خللا اعلاميا لا معنى للمهنية فيه واجهت فيه الجزيرة انتقادات مغردي واعلاميي المقاومة باعتباره يمثل ضغطا معنويا على المقاومة وحاضنتها بترويج روح ومزاج عدم تكافؤ الاثمان المدفوعة.
تعرضت الجزيرة اليوم ايضا الى ضغط كبير من جمهور المقاومة لتغيير عنوان الخبر من " عدد من المواطنين يتجهون الى الحدود الاردنية الاسرائيلية " الى " يتجهون الى الحدود الاردنية الفلسطينية " .
ابرز ما يثير امتعاض المتابعين ايضا هو هذا الحرص "المهني" على منح الكلمة باطراد لافيخداي ادرعي في اوضاع صورة تليفيزيونية مريحة، بل ومتباهية في مطار عسكري قرب طائرات القصف ليعلمنا بانطلاق الطلعات على القناة الاكثر مشاهدة عربيا فضلا عن الخبراء والاعلاميين الصهاينة الذين لا يغيبون عن الراي الاخر في قناة الجزيرة طوال فترة المواجهة...ولا يخفف من هذه المرارة حرص المذيعين على المناقشة و المحاججة الحادة للمتدخلين الصهاينة.
هذه ملاحظات ارجو ان يتقبلها الاصدقاء في قناة الجزيرة بصدر رحب ...ففي منعرجات الصراع الكبير لا نرى اعلام الغرب او العدو يمارس معنا هذا القدر من المهنية المزعومة، بل يتجند الجميع في " الحرب " علينا وباسم النقل الموضوعي المهني الكاذب الذي لا وجود له فكل اعلام في الحروب هو قتال بشكل ما على الوعي والمعنويات.