بغض النظر متى وكيف وبأي شروط وتحت أي ظروف ستنتهي هذه المعركة أو جولة التصعيد بين المقاومة الفلسطينية والكيان الصهيوني، إلا أنها ستذكر في تاريخنا كمحطة فارقة وبداية مرحلة جديدة ومختلفة في الصراع.
لقد هذه الجولة كانت استثنائية في سياقها والظروف التي انطلقت بها، وكذلك في الكثير من تطوراتها وتفاصيلها.
من مؤشرات استثنائية وخصوصية الظرف والسياق:
1)) انطلاقها بعد الانتصار وتراجع الاحتلال في المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح.
2)) أزمة القيادة السياسية الصهيونية وخصوصاً نتنياهو بعد عدة جولات من الانتخابات دون القدرة على تشكيل حكومة.
3)) توقيتها بعد – بل في ذروة – التطبيع العربي مع الكيان.
4)) الانسداد السياسي الفلسطيني، على صعيد إلغاء الانتخابات وكذلك على صعيد العلاقة مع المحتل/المفاوضات.
5)) تزامنها مع ذكرى النكبة.
وأما التفاصيل أو التطورات اللافتة في المعركة، فمنها:
1)) مبادرة المقاومة لها، عكس الاعتداءات والجولات والمعارك السابقة.
2)) تثبيت معادلة "كل فلسطين"، وكسر حصر المقاومة وحصارها في غزة ولغزة.
3)) فشل صهيوني ذريع في ضرب أهداف ومراكز للمقاومة والتركيز على المدنيين.
4)) لغة التحدي ورسائل القوة لدى المقاومة ، ومنها قصف تل أبيب بهذا الزخم والسهولة، ودخول أسلحة نوعية جديدة في المواجهة مثل صاروخ عياش 250 والمسيّرات المفخخة.
5)) تحرك الحدود المجاورة لفلسطين، شعبياً من خلال المظاهرات، وعسكرياً (بشكل رمزي حتى الآن) من خلال بعض الصواريخ.
6) ) تحرك الضفة كمظاهرات شعبية وكذلك كنقاط مواجهة.
7)) النقطة الأهم والأخطر، حالة الغليان والمواجهات في المدن الفلسطينية المحتلة في أراضي 1948. وهو تحول استراتيجي مهم يفتح مسارات نضال جديدة ومختلفة أمام فلسطينيي الداخل (الخط الأخضر). وحتى لو هدأت الأمور أو استطاع الاحتلال بقدراته العسكرية والأمنية إخضاعها ظاهرياً، فقد انقدحت شرارة ستبقي النار تحت الرماد لتعود للاشتعال مرة أخرى في المستقبل القريب. هذه هي القنابل الموقوتة التي سيواجهها الاحتلال في "جبهته الداخلية".
عاجلاً أم آجلاً، سيضطر الاحتلال لوقف هذه الجولة دون أن يستطيع إخضاع المقاومة أو كسرها فضلاً عن إنهائها، وستكون المقاومة قد ثبّتت معادلات جديدة من الصعب تجاوزها أو تجاهلها في المستقبل. خصوصاً إذا ما استمر استنزافه في الضفة والأراضي المحتلة عما 48.
لقد سجلت المقاومة في هذه الجولة نقاطاً عديدة ضد الاحتلال وخصوصاً نتنياهو، وهو أمر سيكون له تداعياته المهمة على الاحتلال وكذلك في المعادلة الداخلية الفلسطينية وعلى مجمل مسار النضال الفلسطيني، وهو أمر سنعود له لاحقاً بالتفصيل إن شاء الله.